حصدت نساء لبنان، أمس الأول، أولى ثمار قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري.
أمس الأول تضافرت جهود المواطنين، مع المحامي العام الاستئنافي وعناصر مخفر الدرك والمجتمع المدني وقاضي الأمور المستعجلة، لتنقذ امرأة لبنانية من العنف الزوجي الذي تتعرض له منذ أكثر من عام ونصف، وبالتحديد منذ اليوم الأول لزواجها.
فجيران ريما (اسم مستعار) الذين علموا بصدور قانون العنف الأسري، سئموا من العنف اليومي الذي يمارسه جارهم على زوجته التي لم تنه عامها الرابع والعشرين. ومع صراخها الذي وصل مسامعهم يوم الجمعة الماضي، اتصلوا بمخفر الدرك في منطقة النهر - الجميزة. عناصر المخفر أنفسهم أرسلوا دورية إلى منزل ريما واصطحبوها إلى المخفر، حيث اتصلوا بالنائب العام الاستئنافي القاضي بلال ضناوي. ضناوي أعطى إشارة بضرورة حضور اختصاصية اجتماعية التحقيق إلى جانب ريما. وعليه اتصل المخفر بمنظمة «كفى»، حيث تبين أن المرأة محتجزة في منزلها منذ زواجها وتتعرّض للعنف.
وبناء على المادة 11 من القانون، أصدر ضناوي إشارة بتوقيف الزوج المعنِّف 48 ساعة وإلزامه بدفع نفقة الطبيب الشرعي وإعادة زوجته وابنتهما إلى المنزل (كان الزوج قد أخذ الطفلة معه) بعدما تسلّمت منه أوراقها الثبوتية التي كان قد احتجزها، وذلك تطبيقاً للمادّة 11 من قانون حماية النساء الذي صدر حديثاً. وأكد الطبيب الشرعي تعرّض ريما للضرب المبرّح على رأسها وأنحاء أخرى من جسمها.
ونظراً للدعم القانوني والاجتماعي (عبر الاختصاصية الاجتماعية) الذي تلقته ريما، تم تقديم طلب الحماية عند قاضي الأمور المستعجلة في بيروت جاد معلوف، صباح أمس الأول، برغم الضغوط الكبيرة التي مارستها عائلة الزوج عليها للتراجع عن دعواها. وعليه، حضر القاضي معلوف وأصدر القرار الحمائي الأول بعد إقرار القانون. وينص قرار الحماية على «منع المعنِّف من التعرّض للضحايا أو التحريض على التعرّض لهم»، وإخراجه من منزل العائلة لمدّة أسبوع من تاريخ خروجه من السجن، وإلزامه بتسليف مبلغ لتأمين مأكل وملبس للضحايا لمدّة أسبوع، ومنعه من إلحاق الضرر بممتلكات الضحايا، وإلزامه بالخضوع لخمس عشرة ساعة تأهيل لدى منظمة «كفى» على أن تكون المدّة قابلة للتمديد بناءً على تقرير الأخصائي/ة/، وإلزامه بإعادة الأوراق الثبوتية العائدة للمستدعية، ومنعه من الاستيلاء على هاتفها الخلوي، وإلزامه بالسماح لها بالخروج من المنزل الزوجي بحرية، والترخيص لـ«كفى» بتكليف مرشدة اجتماعية بالقيام بزيارات دورية لمنزل المستدعي، ولمدة 6 أشهر قابلة للتمديد من تاريخ صدور القرار لمراقبة حسن تطبيقه.
ورحّبت منظمة «كفى» بالقرار، وأكدت مسؤولة الوحدة القانونية فيها المحامية ليلى عواضة لـ«السفير» أن «ما حصل مهم جداً، ويؤكد أهمية مطلبنا أن يكون قرار الحماية بيد النائب العام الإستنئنافي مباشرة». وأشادت بسرعة تجاوب قاضي الأمور المستعجلة جاد معلوف، مشيرة إلى أن ضغوطاً كبيرة مورست على ريما للتنازل عن شكواها بانتظار تقديم طلب الحماية، أي منذ لحظة صدور قرار بتوقيف الزوج في المخفر لغاية اليوم الثاني، «ولكن وجود الدعم القانوني والاجتماعي ساهما في صمودها وإصرارها على تقديم طلب إجراء الحماية». وتساءلت عن مصير أي امراة عادية قد لا تصل إلى الدعم اللازم، وهل يمكنها الصمود وحدها أمام كل الضغوط للاستمرار بدعواها؟
وتوقفت عواضة عند أهمية «تشديد المدعي العام على حضور اختصاصية اجتماعية إلى جانب المرأة المعنفة، وعلى إلزام الزوج بالخضوع لجلسات تأهيل، كما الترخيص لمرشدة اجتماعية بمتابعة الأسرة لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد ومراقبة حسن تطبيق قرار الحماية».