في عالمنا العربي أو حتى على مستوى العالم بصفة عامة تكثر بعض الممارسات الفردية والتي تعد سلوكيات خاطئة تماماً، وفي أحيان كثيرة تقود لأمراض أو لأعراض نفسية على الفرد تمس أيضاً كل من هو بقربه، وغني عن القول إن مثل هذه الممارسات تسند بعض القوانين للحد منها أو لتخفيف أثرها، وتختلف شدة هذه القوانين من بلد لآخر، ولكن الهدف النهائي أن الجميع يريدون الوصول إلى سلامة الفرد لأن في سلامته سلامة للمجتمع ككل، وبالتالي قوة وإنتاجية هذا المجتمع.
لتوضيح الفكرة التي أريد أن أوصلها أَضرب مثالاً بممارسة التدخين أو ما يسمى الشيشة، من الذي سيحاول المجادلة بأن لهما أثر سلبي ووخيم على الصحة سواء من يمارسها أو من يتلقى نفاث الأدخنة؟ اليوم نلاحظ وبشكل جلي وأمامنا أن معظم المطاعم أو المقاهي باتت تركز على وجود الشيشة من ضمن طلباتها وجنباً إلى جنب مع الأطعمة والعصائر والقهوة. والمدهش بحق في هذا الملف هو التنامي والتزايد لمرتادي هذه المقاهي التي تقدم الشيشة، وعندما أقول تزايد الأعداد فإنني أشير لظاهرة جديرة بالتنبه وهي اكتظاظ هذه المقاهي بوجوه جديدة، وكما يظهر فإنها تدخل لممارسة هذا السلوك لتعويض نقص في الشخصية أو لتقليد أو لمحاولة الاندماج مع الرفاق الآخرين.
اليوم نلاحظ شباباً وفتيات في مقتبل العمر يشيشون ويتباهون بهذه الممارسة، وكأن هذا السوق – سوق الشيشة والتدخين – تلقى دفعة قوية بدخول جيل جديد وزبائن جدد يعوضون النقص الذي حدث بسبب القوانين الصارمة على فتح مقاهي الشيشة أو بسبب التضييق بعدم التدخين في الأماكن العامة، أما إذا كنا سنقول للتعويض عن الأفراد الذين تركوا التدخين فإننا سنكذب، لأننا نعلم أن من يدخل شباك السجاير قلما يخرج منها، لأنها تحتاج إرادة وقوة ومع الأسف الكثير لا يملكون هذه الرغبة حتى وهم مقتنعون بالأضرار الصحية الجسيمة.
ما هالني بحق في هذا الجانب، هو ما روته إحدى الصديقات عن أب وأم وابنهما المراهق وابنتهما .. جميعهم يجلسون لتعاطي الشيشة، فقط طفلة صغير في الرابعة من العمر هي الوحيدة التي لا تدخن معهم ولكنها تستنشق مخلفات ما ينفثونه وهو أكثر خطراً على صحتها.. أسرة كاملة كل فرد منها ينفث الدخان القاتل، هذه الأسرة تستنزف موردها المالي على هذا الوباء وتستسيغه وتقبله وتمارسه فماذا عن الآثار الصحية الوخيمة؟ ومن الذي سيدفع فاتورة العلاج الطائلة؟ وماذا عن قولة تعالى: «ولا تقلوا بأيديكم إلى التهلكة»….