تعتبر قضايا المرأة من المواضيع الحيوية والتي يعاد طرحها بشكل مستمر وفي أوقات ومناسبات مختلفة، لكن الحديث حولها بات هواية وحرفة لكل من أراد أن يظهر نفسه بأنه مثقف وعلى درجة من التعلم.
بمعنى إنها باتت بعيدة عن التناول والطرح من أجل إيجاد الحلول ومعالجة الخلل، وانتقلت لتكون موضوع نملأ به أوقاتنا في مجالسنا وتجمعاتنا ومناسباتنا، تماما كما تطرح قضايا هامشية لا قيمة لها في حياتنا اليومية.
موضوع المرأة والمطالبة بمنحها المزيد من الحقوق والمساواة في الوطن العربي، ابتعدت عن الطرح الحقيقي العميق في المواقع المؤثرة في صنع القرار، وأقصد المؤسسات التشريعية ومؤسسات المجتمع المدني، وأخشى أنه بات موضوع مجالس لا أكثر. موضوع تملأ به الصحف الفراغات ومساحاتها دون عمق يحرك ويؤثر في المجتمع.
وكما يقال فإن المرأة تجد المساواة في الخطيئة، وتفتقر لها في الفضيلة. وهذا صحيح فمن المؤلم أن المرأة تحاسب وتعاقب بمساواة تامة مع الرجل عند الخطأ، وفي بعض المجتمعات التي تسود فيها الأعراف والتقاليد البعيدة عن القوانين والتشريعات يكون العقاب أكثر قسوة وألم وفظاظة، ولكن تختفي هذه العدالة عند إنجازها وإبداعها وتميزها، حيث لا تجد التكريم بل تختفي الأصوات عند الإشارة للحاجة لمنحها حقوق إضافية تساعدها على الحياة بحرية وانطلاق.
السيدة أوليمب دي جوج، التي تعد أول مدافعة عن حقوق المرأة، وهي التي نشرت إعلان حقوق المرأة والمواطنة، جاء في فقرة منه: (المرأة التي لا يوجد عائق يمنع من صعودها إلى حبل المشنقة، يجب أن يكون لديها أيضاً حق ارتقاء المنبر).
البعض أيضا يرى أن حقوق المرأة مصانة ومحفوظة، وأن الحديث حولها مضيعة للوقت بل وفيها مبالغات غير مقبولة، لكن هؤلاء تخفى عليهم بعلم أو دون علم، قضايا جوهرية تعانيها المرأة في كثير من بلادنا الوطن العربي، مثل حقوق حضانة الأطفال، والطلاق والخلع، فكم امرأة تظل سنوات طويلة معلقة لا هي متزوجة ولا هي مطلقة بيد رجل يرفض أي وسيلة أو طريقة لمناقشة أن يمنحها حريتها، فهو قد يتزوج باثنتين وثلاث، أما هي فتظل تحت سيطرته وتهديده ومن محكمة إلى أخرى ومن قاضي لأخر. وكم نسمع عن قصص لنساء يدفعن مبالغ طائلة لأزواج بغرض الحصول فقط على الطلاق دون مماطلة.
أما قضايا الحضانة والأطفال فحدث ولا حرج، والقصص كثيرة ومتنوعة حيث يتحول الأطفال لأسلحة بيد بعض ضعاف النفوس من الرجال يستخدمونهم ورقة للمساومة والحصول على أكبر قدر من المكاسب من هذه المرأة التي تنشد رؤية أطفالها وضمهم لحضنها الدافئ.
ألم تسمعوا بقصص عن نساء أفنوا حياتهن العملية في جمع المال من أجل توفير حياة كريمة لأسرهن، وفي غمضة عين تغير الزوج وطردها من منزلها الذي بنته وعمرته من أموالها ليجلب امرأة أخرى. وذنبها الوحيد أنها صدقت وآمنت برجل قضت معه سنوات طويلة من العمر تحت سقف واحد، فسجلت هذا المنزل باسمه، ثم ضاع بقيت العمر في أروقة المحاكم.
ستظل المرأة وحيدة وهي الجانب الخاسر أمام ضعاف النفوس من الرجال فمن دون قوانين تحميها ومن دون مؤسسات تنمي معرفتها وثقافتها. لن تجد من ينصفها ويعيد حقها وعمر السنوات الماضية.