تشغل تفكيرنا دوماً الرغبة في النجاح والتفوق، وهي رغبة مشاعة وللجميع الحق في تمنيها والعمل على تحقيقها، ولكن المعضلة أنهم قلة من يدركوا الوسيلة المناسبة والطريقة المُثلى لتحقيق هذه الغاية. وأيضاً هم قلة من يعلموا أن الخيط الفاصل بين أن تكون إنساناً ناجحاً أو فاشلاً خيط واهن وبسيط جداً، وهو ما يعني أننا مطالبون عند الركض في مضمار العمل أو الدراسة بمضاعفة الجهد والتركيز والرغبة الصادقة، وعندها ستكون النتيجة مطابقة أو مماثلة للجهد الذي نبذله.
طموحاتنا كبيرة وتطلعاتنا أكبر، ولكن فاعليتنا في تطوير أنفسنا وتدريبها وتجهيزها للتحديات متواضعة جداً، ثم نسأل ما السبب في تراجعنا أو نرمي السبب على الآخرين وننسى أننا بطريقة أو بأخرى نحن من تسبب في هذا الإخفاق. بمعنى أبسط نريد النجاح دون إصرار ودون تخطيط ورؤية واضحة ودراسة وعلم، وهو ما يعني غياب العزيمة لنحقق التفوق.
في هذا السياق أتذكر مفردتين متشابهتين لكن حرفاً واحداً بينهما، عند تغييره يتغير المعنى كلياً، بل بهذا الحرف نقلب المفهوم بشكل تام وكامل، وأعتقد أنه يغير تماماً حياتنا، وأنا أقصد استبدال حرف واحد فقط بين المفردتين العزيمة والهزيمة، وكما ذكرت قبل قليل فإنه خيط واهن بين الطريقين، وهنا حرف واحد أيضاً بين المفهومين، والخيار يبقى متاحاً لنا وبين أيدينا، فإما أن نختار الانطلاق والنجاح ويساعدنا وفي يدنا العزيمة، وإما أن نختار الفشل والانزواء والتردد لترافقنا الهزيمة.
في التراث الإنساني الكثير من التوجيهات والكلمات الرنانة التي تحث على التقدم ومحاولة التغلب على الصعاب لتحقيق النجاح، لعلي أستذكر منها ما قاله الكاتب الأيرلندي برنارد شو «عندما كنت صغيراً، لاحظت أن تسعاً من كل عشرة أشياء أقوم بها تخفق، لذا قمت بعشرة أضعاف ما توجب عليّ عمله». ولعل هذه المقولة تلخص لنا الكثير من الأمور التي نحتاج فعلها وتحقيقها، بل وتعطينا لمحة عن طبيعة منجزاتنا، وهي أنها في أحيان قد لا تحقق لنا شيئاً مميزاً من أول وهلة، كما نعتقد ونحسب، لذا فإن علينا مضاعفة الجهد والعمل، حتى يتحقق النجاح والتفوق.
وباختصار متناهٍ، فإن برنارد شو كان يقول لنا إنه يتمتع بالعزيمة ليتمكن من مضاعفة جهده عشرة أضعاف، حتى يحقق النتيجة المطلوبة، وعندما بذل العشرة أضعاف بعزيمة نجح وبات اسمه مخلداً في التاريخ الإنساني .. ليس في مضمار واحد، وإنما في ميادين ومجالات عدة. لنتسلح بالعزيمة لأنها عدوة الهزيمة.