الرسالة الأولى : حبيبتي .. أبعث إليك تحايا شوقٍ معطرةٍ بعبير ورد زكية .. فواحة بأريج زهر ربييعية ..متمنيا لك حياة هادئة .. دافئة رضية .. فلا تقلقي على صحتي فهي من نار شوقٍ إليك تارة عليلة ، وتارة أخرى علية ، فهذه حالها في أرض الغربة ، فقساوة وحمى البعد ملهبة جوف صدري .. سارية في أنحاء جسدي ولم تبقي منه بقية .. كم تمنيت أن أطوي الأيام طية .. وأسير في دروب لألقى نصفي الآخر كأجمل لقية ،حتى وان قطعت من تلك الدروب ألف منعطف والف لية ... أرى وجهك الوضاء في وجه كل أنثى جميلة ألقاها في شارعٍ أو سوق أو عيادة أو صيدلية .. أقسم لك بأن نظري إلى أي منهن ليس غزل أو نية ،وإنما تجسيد لمحياك يا ملكتي في كل ما أراه جميلا ،وإن كان في صورة أنثى تتلوى ممشوقة كالحية .. الرسالة الثانية : دقت الساعة مشيرة إلى الثانية عشر من منتصف ليلة حالكة الظلمة .. الأرق تسلل إلى جفوني ، فسلب مني أي بارقة أمل في نومة هادئة هنية .. بل حرمني حتى من غفوة أريح بها جسدي المنهك ، وأخفف من بعض توتر في أعصابي .. هذه حالة نادرة الحدوث معي في بقية أيامي الخالية ، فعادة ما استسلم للنوم فبل بلوج منتصف الليل بسويعات، استجابة طوعية لارهاق جسدي ونفسي ليوم عمل مضى ، واستجابة لضرورات استيقاظ مبكر ليوم كد وجهد ما انقضى .. بالطبع لا تبدأ رحلتي مع سبات نوم عميق إلى بعد لحظات عيش مع أحلام وردية سعيدة معك يا محبوبتي .. مع ذكريات عشقنا الجميل .. مع أيامي القليلة التي قضيتها في وحي وجودك قربي .. لم يضيرني إن كان قربك وسط لفيف من أهلي أو أهلك في فناء مزلنا أو منزلكم الريفي الفسيح والجميل .. فهذه هي عاداتنا التي كثيرا ما عزمنا عبثا تجاوزها وكسر قيودها ، تلبية لرغبات طيش شابة في مثل سننا .. كم تضايقنا من تلك الحراسات المشددة والمفروضة علينا لكي لا نختلي ببعض ،خشية منهم حدوث مكروه في لحظات غفلة منا تجرح كبرياءهم وسمعتهم العائلية .. صحيح أن تلك الحراسات تضايقنا وتكدر صفاء خلوتنا إلا أنها في اعتقادي هي باعث مهم لاشعال اشتياقنا لبعض .. هي دافعنا إلى اللهث السريع لتقريب يوم لقانا والتحامنا المقدس .. في عش ترفرف عليه سعادة حياة ، و يملأه دفئ حب وعشق أبدي ... كلما تذكرت ذلك يا ملاكي .. أهيم في أحلامي سابحا في فضاءات تلفها سحب من حب كثيفة ودافئة .. تحركها نسمات هبوب ريح ممزوجة بنسائم سعادة .. مضاءة بنجوم تفاؤل .. محروسة بخيوط ضوء قمرية قادمة من ذلك الفضاء الواسع الممتد أفقه نحو ضيعتنا .. نحو منزلكم الريفي ....