ولدت في بغداد لعائلة من وسط ثقافي ذا بعد يساري على الغالب, وسط لم يكن ينظر الى للمراة بكونها عورة, بل كما هي انسان كامل الاهلية, فاعل متأثر ومؤثر.. له حيازة الجمال والخلق وتحمل المسؤولية.. ذكرياتها عن عائلتها تبعث في نفسها الدموع ! منحت حياتها للقلم والادب والصحافة- كانت ليالي الصيف المقمرة تلهمهاقصصا وحكايات فرسان وشجان واشباح, ترويها على اسماعهن فينمن وهن, ينصتن مبهورات.. ثم يطالبنها بالليلة التالية ان تبدا مرة أخرى فكانت تبتكر بداية اخرى وقصة اخرى مختلفة!
* ماذا عن غربتك ؟
- غادرت العراق اواخر عام 2006 القيت اخر نظرة طويلة الى اخر نقطة حدودية في العراق متوجهة الى سوريا.. تتذكر جيدا منظر قبة مسجد صغير في نقطة الوليد الحدودية كانت حمامة قد ابتنت عشها مكان بضع قاشانات زرق سقطن عن قبة المسجد : كان ذلك اخر مشهد لي.ولا داعي لذكر تفاصيل لماذا خرجت فكلنا يعرف ماذا يعني ان تهرب من وطنك الذي تحبه ! تصف غربتها كشبح. شجرة توقفت ثمارها عن النمو .. شجرةبعيدة جدا عن جذورها وبيئتها.. الغربة كشجرة مقطوعة والغربة فأس حطاب!وتصف نفسها انها في قلب الحدث وفي خضم معاناته لانها تنتمي للعراق فكرا وعاطفيا وكم تمنيت وجودي فيه لولا---- المسببات المعروفة.
* كيف تقرئين المشهد الثقافي في عراق اليوم بوجه خاص ؟
- الواقع الثقافي في العراق يكتنفه الغموض والهشاشة والارباك,لنكن واقعيين وحقيقين بالتقيم فليس من اولويات الحكومةولا من مصلحتها ايضا, رعاية البنية الثقافية, ولم يصوب المثقف عموما موقفه ليتخذ موقعه المناسب له كطليعي وصاحب رؤيا مغايرة وفعل مغاير قد لا يعجب الجمهور احيانا, لكنه يتسق تماما بالدى البعيد , مع حركة التطور الفكرية التي يطمح لها, فهل نمتلك مثل هذه التجارب ذات البسالة الاستثنائية ؟ انا اطرح السؤال ولن ارد عليه كي لا اجافي انصاف البعض الاخر من الاستثناءات !
وتضيف قائلة\\\ نحن بحاجة لمعالجة جذرية ولثورة وعي كبرى .. نحن بامس الحاجة لثورة فكرية ثقافية خلاقة تبدأ من داخل المثقف نفسه فهو من عليه ان ينزع ثوب عنه, التابع ليكون كما يجب عليه ان يكون: الطليعي و الرائد. المثقف نفسه قد اضل بوصلته فكيف يمكن ان يكون الهاديا وطبعا هذا لا يعني انه لم تنجّ بعض التجارب الفردية التي اثبتت بروزا قويا وحضورا لافتا, من خلال فوز المشاركين بمسابقات ابداعية ادبية, وهذا ما احب الاشارة اليه بمحبة كبيرة, لكن التجارب الفردية لا يمكنها ان تكون القياس الحقيقي الذي يشير الى نسبة الخراب الجمعي فمساحة الجهل والامية هي العلامة الفارقة اليوم.. فيما نحن بامس الحاجة لفلاسفة ومفكرين واختصاصيون بعلم الاخلاق والاجتماع والعلوم النفسية فمجتمع يعيش حروبا متصلة يحتاج لانبياء فكر ليكونوا قدوة للتائهين, ترى هل نملكهم؟
وتستطرد\\\ الثقافة المتصلة بالمجتمع هي القادرة على الحفاظ على روح اي امة, ونحن امة منكسرة مرتعبة بالحدث اليومي حيث تتشابك به انماط العنف, تتفوق به مخيلة القتلة على مخيلة المبدع !! .
* والاديبة العراقية—ماذا عنها؟
- واقدم تحياتي للاديبات العراقيات واجد في نفسي رغبة للشد على ايديهن لاصافحهن بمحبة واعتراف بما يقدمن من عطاء.. فأية شجاعة ان تعيش امرأة بمجتمع يغوص بالعنف اليومي حيث اصوات الرصاص اعلى من سواها.. ثم تكتب وتبدع !كما اود الاشارة للمرأةالعراقية فهي تعيش مشهدا مختلفا حسب مكان تواجدها يتوزع ما بين عنف حكومي عسكري يرتكب ضد وجودها في مدن العراق الغربية, ان العطاء الانساني الابداعي يتوقف حينما يتصدر العنف وجه الحياة اليومية وتنزوي المرأة ومعها ينزوي الفعل الابداعي الحضري والمدني.. المرأة قرين الجمال.. وكل جمال هش وهو عرضة للاغتيال أنه المستهدف اولا ! ورغم ذلك لانعدم وجود تجارب قوية وحيوية وفعالة وشجاعة تقاوم فعل البشاعة مأصلة ليس فقط وجودها وانما وجود مجتمعاتها ايضا.في العراق مثلا هناك ناشطات اعلاميات يثرن اعجابي بشجاعتهن وتحديهن للصعاب والمخاطر اسماء كثيرة تخطر في بالي لكني اخاف ان ذكرت احدهن انسى الاخرى وهذا اجحاف لا اود ارتكابه بحقهن, لذا اشير اليهن مجتمعات.
* وماذا عن تجارب الشباب ؟
- اجد ان تجارب الشباب تستحق الاشادة وتولوا كسر جمود القوالب الجاهزة – فهم ابناء الحروب كبروا وسط الماساة يرفضون القسوة والدم يحبون الحياة بلا طائفية مقيتة هؤلاء شعراء و شاعرات ادباء صحفيون رسامون نحاتون وحتى مصوري الفوتوغراف والسينمائيين, اقول للجميع افسحوا المجال لهم.. اتركوا لهم متسعا للحياة فهذه براعم تحتاج لنور التجربة وشمس الحياة لتنمو.. هؤلاء طليعيون يريدون ردم الخرائب القديمة.. وانا امد يدي بامومة لكل من يطلب دعما او نصيحة وحتى الاشادة لا ابخل بها عليهم خصوصا ان لمست بينهم من يرغب حقا بالتعلم .. يا الهي .. كيف يحضرني الان قويا وجه فتى اسمر.. روائيا شابا جاء لزيارتي ذات مرة بعد اعلان فوز روايتي, في مجلة الف باء حيث كنت اعمل وبعد حديث قصير حول عنها واعجابه بها , جثى على ركبتيه بمشهد لم اره من سواه سابقا-.
* كيف تراقبين ما يجري الان في العراق ؟
- نحن مجتمع تعرض لزلزال الاحتلال , تراقص كثيرون على انقاض دولة العراق فرحا بنشوة وهمية للخلاص, هل استطاع الثقافة والتي هي كما تم وصفها بمجموعة القيم والافكار, هل استطاعت المنظومة القيمية والفكرية النهوض بدورها المؤمول بالمحافظة على مجتمع عريق كالعراق يكنى بأب الحضارات الشرعي , للنجاة به والخروج من ربقة تدمير الهوية الوطنية ومسح الشخصية العراقية التي اخذت تضيع ملامحها فعليا, ام ان المثقف اتجه هو الاخر للعب دور يتماهى مع ما هو مطلوب !! ولكني اتحدث عن المشهد الثقافي حصرا-- لكن لنتحدث عن واقع العراق ولنأخذ اتحاد الكتاب مثالا. ما الدور الايجابي الحقيقي والفعال, الذي لعبه اتحاد عريق كاتحاد ادباء العراق؟ هل تستطيع أن تعطيني مثالا واحدا حقق فيه هذا الاتحاد موقفا يحسب له؟ هل تبنى قضايا الادباء بما تستقيم به حياتهم مدعما تجاربهم الحياتية ليوفر لهم حياتا مريحة مكرسة للابداع؟ هل أسس لحصانة مفهوم احترام حرية الكاتب والاديب واحترام حريته بالتعبير عن رأيه, ام ان الاديب اليوم يعيش وطاة ان يجاهر بما لايعجب السيد رجل الدين, والسياسي والجمهور؟ هل حرص الاتحاد ان يكون عونا للاديب وحصنا منيعا لهم كحرم مصان لاتمسه يد؟ الا ترى كيف يتساقط الادباء تباعا في المرض والعوز والفاقة دون ان تلتفت لهم الدولة بالرعاية كأنهم هامشيون! هل تريد ان اكتب لك سلسلة طويلة من اسماء كبار الادباء ممن لم يجدوا ثمن علبة دواء, او ثمن قوتهم وعوائلهم, !! ماذا فعل الاتحاد لهؤلاء؟؟ لا شيء .. لا شيء يذكر! ومن هنا اذن ما قيمة الاتحادات التي لاتحافظ على قيمة من كانوا سببا لوجودها؟ وهذا ينطبق على نقابة الصحفيين العراقيين ايضا فدورها اسوأ من ان اشير اليه.. وكذلك الحال مع نقابة الفنانيين. المبدعون يتساقطون من عسف حياتهم فنانات ممتازات لعبن دورا فاعلا بالمشهد الفني تجدهن اليوم مقعدات مهملات في دور للعجزة.. او في بيوت من الصفيح !! يا للاسف ! النقابات والاتحادات .. هذه صروح خاوية فلماذا نتحدث عن الخواء .. اية غرابة ان غالبية من يحتل منصبا فيها يتقمص دور قناص فرص لنفسه, وجلادا لغيره!؟ .
ختاما قالت لي مازحة—كم اتعبتني اخي نهاد نسيت ان اقول لك انني لا احب اجراء الحوارات ! وشكري وتقديري لقلمك المبدع الذي يبحث دائما عن حقيقة الابداع.