أصبحت ظاهرة النساء الجهاديات والانتحاريات من أهم التحديات الأمنية التي تواجه مختلف دول العالم من أفريقيا مرورا ببؤر التوتر في الشرق الأوسط إلى آسيا الوسطى، و أصبح مشهد التفجيرات الانتحارية النسائية أو تنفيذها لعمليات إرهابية مألوفا في بعض المناطق الساخنة في العالم.
في الماضي كانت النسوة من ضحايا الحرب يتم سبيهن ويتحوّلن من أميرات إلى جاريات، أما اليوم فتغيرت المعطيات، لقد ولى عهد “الأميرات” و”الجاريات” وحلّ عهد الجهاديات و”الانتحاريات” و”المقاتلات” بعد أن تحوّل “حجابها” من ستار تخفي به جمالها إلى ستار يخفي تحته تصميما على تحويل هذا السوق أو ذاك التجمّع البشري إلى مقبرة لعشرات الأبرياء تنفيذا لأجندات المجموعات الإرهابية والمتشددة التي تستقطبهن.
في ظل المتغيرات الجيوسياسية والأمنية التي تمر بها الساحة الدولية، ومع هبوب رياح ما سمي بالربيع العربي في بعض دول المنطقة العربية، التي أفرزت تحولات سياسية فيها، بدأ الحديث عن ظاهرة النساء الجهاديات المنخرطات في صفوف مجموعات متطرفة و تكفيرية، والتي تقوم باستغلال المرأة من جميع النواحي تنفيذا لمخططاتها المتشددة انطلاقا من عملية غسيل لأدمغتهن وتوظيف فكرة الجهاد وفقا لمعاييرهم.
وقد سلطت العديد من الدراسات الضوء على خطورة انضمام المرأة إلى صفوف الحركات المتشددة والجهادية سواء أن كان بطوعها أو رغما عنها، حيث تناولت الباحثة الأميركية كلوديا فورستر في دراسة تحليلية لها بداية تلك الظاهرة في أفريقيا، حيث ﺗﺴﺘﻜﺸﻒ هذه اﻟﻮرﻗﺔ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت الإرهابية الأﻓﺮﯾﻘﯿﺔ ﻣﻊ إﺷﺎرة ﺧﺎﺻﺔ إلى ﻛﻞ ﻣﻦ أوﻏﻨﺪا وﺳﯿﺮاﻟﯿﻮن.
النساء كإرهابيات
ﯾﺘﻔﻖ العديد من الباحثين على أن الإرهاب اﻟﻨسائي أصبح ﻣﺜﯿﺮا ﻟﻠﻘﻠﻖ لأن المرأة ارتبط وصفها بالمربية وصانعة الأجيال وليست ﻜﺎﺋﻨﺎ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﻏﺮس الإرهاب، وهذا ﻣﺎ جعلها إرهابية ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟتأﺛﯿﺮ. ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﻮم الإﻧﺎث المقاتلات ﺑﺎﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ مواجهة مسلحة فإنهن ﯾﺮﺗﻜﺒﻦ، ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺬﻛﻮر، أﻋﻤﺎلا إرهابية ﺿﺪ اﻟﻤﺪﻧﯿﯿﻦ. وﺗﻮﺻﻒ اﻟﻤﻘﺎﺗﻼت ﻣﻦ الإﻧﺎث ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺼﺮاﻋﺎت ﻣﻦ ﻗﺒﻞ غيرهن ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﯿﻦ الآﺧﺮﯾﻦ (اﻟﺬﻛﻮر والإﻧﺎث ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮاء) واﻟﻤﺪﻧﯿﯿﻦ دوﻣﺎ بأنهن أكثر ﺷﺮاﺳﺔ وأكثر ﻗﺴﺎوة وذوات دم ﺑﺎرد ﻣﻦ اﻟﻤقاﺘﻠﯿﻦ اﻟﺬﻛﻮر. وهو السبب اﻟﺬي ﯾﺠﻌﻞ اﻟﻨﺴﺎء ﯾﺮﺗﺒﻄﻦ ﺑﺎﻟﻤﻨﻈﺎت الإرهابية ﺑﺸﻜﻞ ﻓﺮدي.
وﯾﻌﺘﻘﺪ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻛﯿﺖ ﺳﺘﯿﺘﺴﻮن أن اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت الإرهابية ﺑﺎرﻋﺔ في اختيار اﻟﻨﺴﺎء لخدمتها ﻟﺴﺒﺐ اﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﻲ. فالإرهابيات ﻣﻦ الإﻧﺎث لهن اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﺣﺸﺪ ﻣﺰﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﻢ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺎت الإرهابية وهن أنفسهن أداة ﻗﻮﯾﺔ ﻟﻠﺪﻋﺎﯾﺔ لأنه ﺳﯿﺘﻢ منحهن ﻣﺰﯾﺪا ﻣﻦ اهتمام وﺳﺎﺋﻞ الإﻋﻼم ﻋﻦ نظرائهن ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل.
بحيث ﯾﺘﻢ اﺳﺘﻐﻼل اﻟﺮؤﯾﺔ اﻟﻨﻤﻄﯿﺔ ﻋﻦ المرأة بوصفها الضعيفة لصالح اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت الإرهابية.
ﻓﺎﻟﻤﺮأة ﻓﻲ أﻓﺮﯾﻘﯿﺎ هي اﻟﻤﻌﯿﻠﺔ واﻟﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺰراﻋﺔ. وﻟﺬﻟﻚ فهي ﺗﺴﺘﻐﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺬﻛﻮر اﻟﻤﻨﺘﻤﯿﻦ إﻟﻰ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت الإرهابية ﻟﯿﺲ ﻹﺷﺒﺎع اﻟﻐﺮﯾﺰة اﻟﺠﻨﺴﯿﺔ أو للقدرات اﻟﻘﺘﺎﻟﯿﺔ فقط وإﻧﻤﺎ ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ اﻻﺳﺘﺪاﻣﺔ أﯾﻀﺎ.
وتطرقت دراسة فورستر إلى اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت الإرهابية ﻓﻲ أﻓﺮﯾﻘﯿﺎ واﻟﻨﺴﺎء داﺧﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت.
جيش الرب للمقاومة
ﺗﻌﺘﺒﺮ من أهم اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت الإرهابية اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﻓﻲ أﻓﺮﯾﻘﯿﺎ ﺑﻘﯿﺎدة ﺟﻮزﯾﻒ ﻛﻮﻧﻲ. ﻓﺠﻤﺎﻋﺔ ﺟﯿﺶ اﻟﺮب ﻟﻠﻤﻘﺎوﻣﺔ ﻣﻠﯿﺌﺔ ﺑﻤﺘﻤﺮدي أﻛﻮﻟﻲ وﺗﻌﻤﻞ ﻣﻨﺬ اﻟﻌﺎم 1986 بهدف ﺗﺮوﯾﻊ اﻟﻘﻮات اﻟﺸﻌﺒﯿﺔ اﻷوﻏﻨﺪﯾﺔ وﺧﻠﻘﺖ ﻓﻮﺿﻰ ﻛﺒﯿﺮة ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺒﺤﯿﺮات اﻟﻜﺒﺮى اﻷﻓﺮﯾﻘﯿﺔ وهي اﻟﻤﺴؤﻮﻟﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﺠﺎزر واﻟﺪﻣﺎر ﻓﻲ ﺟﻨﻮب اﻟﺴﻮدان وﺷﻤﺎل أوﻏﻨﺪا وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﺮﻗﯿﺔ ﻣﻦ جمهورية اﻟﻜﻮﻧﻐﻮ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ، وﺗﺸﻤﻞ خططهم الإرهابية اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺠﻨﺴﻲ وﺣﺮب اﻟﻌﺼﺎﺑﺎت واﻻﺧﺘﻄﺎف والتشويه وﻣﺎ شابه ذﻟﻚ.
وﯾﺠﺮي اﺧﺘﻄﺎف اﻟﻨﺴﺎء وتهديدهن ﺑﺎﻟﻤﻮت، ﻓﺤﻮاﻟﻲ 80 بالمئة ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺗﻠﻲ ﺟﯿﺶ اﻟﺮب ﻟﻠﻤﻘﺎوﻣﺔ هم ﻣﻦ اﻷﻃﻔﺎل و30 بالمئة ﻣﻦ اﻟﻔﺘﯿﺎت. وﯾﺘﻢ إعطاء النساء مهلة ﻟﻼﻧﻀﻤﺎم إﻟﻰ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺟﯿﺶ اﻟﺮب ﻟﻠﻤﻘﺎوﻣﺔ أو ﺳﺘﻜﻮن نهايتهن اﻟﻤﻮت.
اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء واﻟﻔﺘﯿﺎت ﻻ ينضممن إﻟﻰ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺟﯿﺶ اﻟﺮب ﻟﻠﻤﻘﺎوﻣﺔ ﻃﻮﻋﺎ، وإﻧﻤﺎ ﯾﺠﺒﺮن ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺪﻣﺔ معها. وﺗﺠﺒﺮ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء واﻟﻔﺘﯿﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ ﻛﺨﺎدﻣﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺠﻨﺲ وﯾﻌﺎﻣﻠﻦ كأنهن ﻣﻠﻚ لخاطفهن، واﻟﻤﻮاﻟﯿﺪ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻮﻟﺪون ﯾﺘﻢ تدريبهم ﻟﯿﺼﺒﺤﻮا ﺟﻨﻮدا ﺻﻐﺎرا. وﺗﺨﻀﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺘﯿﺎت ﻟﻠﺘﺪرﯾﺐ اﻟﻌﺴﻜﺮي ﺑﺤﯿﺚ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺎﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﯾﻘﻮم بها ﻗﺎدة ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺟﯿﺶ اﻟﺮب ﻟﻠﻤﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘوﻦ. وتقوم اﻟﻨﺴﺎء واﻟﻔﺘﯿﺎت ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺟﯿﺶ اﻟﺮب ﻟﻠﻤﻘﺎوﻣﺔ أﯾﻀﺎ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ الأعمال. ﻓﻠﯿﺲ ﻛﻞ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺿﺤﺎﯾﺎ وﻟﻜﻦ اﻟﻜﺜﯿﺮ منهن ﯾﻮﻟﺪن أﺳﺮى ﻟﺪى ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺟﯿﺶ اﻟﺮب ﻟﻠﻤﻘﺎوﻣﺔ وأﺧﺮﯾﺎت ﯾﺘﻌﺮﺿﻦ ﻟﻠﺨﻄﻒ والتهديد ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ.
جبهة القوى الثورية المتحدة
ﻗﺎﻣﺖ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺳﯿﺮاﻟﯿﻮن الإرهابية وجبهة اﻟﻘﻮى اﻟﺜﻮرﯾﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺑﺄﻋﻤﺎل ﺿﺪ ﺟﯿﺶ ﺳﯿﺮاﻟﯿﻮن وﻗﻮات اﻟﺪﻓﺎع اﻟﻤﺪﻧﻲ، وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﺟﯿﺪا ﺑﺨﻄﻒ اﻟﻨﺴﺎء واﻷﻃﻔﺎل ﺧﻼل اﻟﺤﺮب اﻟﺘﻲ شهدتها اﻟﺒﻼد واﻟﺘﻲ اﺳﺘﻤﺮت 11ﻋﺎﻣﺎ انتهت في عام 2002. ﺣﯿﺚ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻋﺪة أﻋﻤﺎل ﻋﻨﯿﻔﺔ، ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ التشويه واﻷﻋﻤﺎل اﻟﻮﺣﺸﯿﺔ وﺗﺪﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﻤﺪارس واﻟﻤﺮاﻓﻖ اﻟﺼﺤﯿﺔ.
وتخلص دراسة كلوديا فورستر إلى أن اﻟﻨﺴﺎء واﻟﻔﺘﯿﺎت في أفريقيا يلعبن أدوارا ﺟﻨﺴﯿﺔ أو ﻣﻨﺰﻟﯿﺔ أو ﻗﺘﺎﻟﯿﺔ ﻣﺤﺪدة ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت الإرهابية، وﻟﻢ يعد وجود المرأة ﺿﻤﻦ اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت الإرهابية (ﺳﻮاء ﻃﻮﻋﺎ أو ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻖ الإكراه) ﺷيئا ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺘﻐﺎﺿﻲ عنه، حيث شددت الباحثة على وضع استغلال النساء الجنسي ﻓﻲ ﺟﺪاول أﻋﻤﺎل ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ الإرهاب.
ولا تزال المرأة في أفريقيا مستهدفة بشكل خاص من الجماعات الارهابية كمجماعة بوكو حرام في نيجيريا التي تحاكي النموذج الطالباني الأفغاني، ويطلق عليها اسم "طالبان نيجيريا"، على استراتيجية خطف النساء وخاصةً في الفترة الأخيرة بشكل كبير، ولعلَّ أزمة اختطاف حوالي 200 فتاة مؤخرًا والتهديد ببيعهن، ألقى الضوء بشكل أكبر على الجماعة وعلى وحشيتها.
وتسعى الحركة إلي منع التعليم الغربي والثقافة الغربية عمومًا، التي ترى أنها "إفساد للمعتقدات الإسلامية"، وإلى تطبيق الشريعة الإسلامية بمجمل الأراضي النيجيرية، بما فيها ولايات الجنوب ذات الأغلبية المسيحية.
لكن من مراجعة شهادات بعض الفتيات اللواتي تمكنَّ من الهروب من قبضة الجماعة، لوحظ أن وظيفة النساء تتخطى فكرة العبودية، فهناك قياديات داخل الجماعة، إلى جانب سعي الجماعات الإرهابية إلى تحويل بعض الفتيات إلى مجرمات لربطهن بالتنظيم بشكل عضوي.
استغلال النساء
تستغل المجموعات المتطرفة والمتشددة الإسلامية كتنظيم القاعدة وأفرعه المرأة وصورتها في النضال سابقا في العديد من حركات التحرر الوطنية ضد المستعمر، لإقناعها بأن ما تقوم به من خدمات يندرج ضمن باب النضال أو “الجهاد في سبيل الله” وفقا لمعاييرهم المفبركة، ولم يكن ظهور المجموعات النسائية الجهادية جديدا في سوريا، فقد سبقته نماذج من قبل في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين وتحوله إلى ساحة تتصارع فيها التنظيمات المتشددة.
وحسب إحصائيات عراقية سابقة فإن أول عملية انتحارية نفذتها امرأة تابعة لـ”القاعدة” وقعت في بلدة القائم عام 2004 واستهدفت تجمعا لمتطوعي الأجهزة الأمنية، وهناك تقارير تشير إلى أن البعض منهن بل أغلبهن يتزوجن من عناصر تنظيم القاعدة بتشجيع من الأب أو الأخ المتعاطف مع الفكر الإرهابي، وفي أحيان كثيرة تجبر نساء على الزواج من عناصر التنظيم وعند مقتل الزوج تجبر الأرملة على القيام بتلك العمليات الانتحارية.
ويرى مراقبون أن تزايد الاعتماد على النساء لتنفيذ العمليات الانتحارية، يعود إلى كون النسوة أقل تعرضا للتفتيش، وبالتالي يسهل عليهن الوصول بأحزمتهن الناسفة إلى الأسواق والتجمعات التي يصعب على الانتحاريين الرجال بلوغها، فإذا كانت هناك امرأة حامل أو تتظاهر بالحمل وتدخل في موكب زفاف، فلن يثير ذلك الشبهات.
من جهتها تقول الكاتبة السعودية حسناء القنيعير إن المجموعات الإسلامية المتطرفة على غرار تنظيم القاعدة وداعش والإخوان المسلمين نجحوا في خداع الناس بدينهم وورعهم، فتستروا تحت مظلة الإسلام لكي يُحققوا أوهامهم، كإقامة الخلافة الإسلامية، وكانت وسائلهم كثيرة، منها تجنيد المرأة، واستخدامها للقيام بما لا يستطيع الرجال فعله، لأنها في المجتمع العربي بعيدة عن الشبهات نظرا إلى طبيعتها.
جهاد النكاح في سوريا
تعتبر سوريا من أبرز المناطق التي تكثف فيها وجود العنصر النسائي ضمن المجموعات المتطرفة، ولم تكن المرأة بعيدة أبدا عن ساحة الحرب، بل كانت أداة قوية لكلا الطرفين لحسم الكثير من المعارك، وهو ما دفعها دفعا إلى لعب دور رئيسي جنبا إلى جنب مع الرجال، ومن اللافت للانتباه أنها لعبت مثل هذا الدور داخل الجماعات الإرهابية مثل “جبهة النصرة” و”داعش”، مما يعد تغيرا نوعيا لدور النساء داخل هذه التنظيمات. وكانت الخطوة الأولى في تجنيد الإناث للقتال اتخذها نظام الأسد بتكوين كتائب للإناث في مايو 2012 والتي شُكلت من نحو 500 امرأة سميت كتائب اللبؤات للدفاع الوطني، وكانت تابعة لقوة الدفاع الوطني، ذراع النظام الرئيسية لمكافحة التمرد، وقد اتسمت كتائب نساء الأسد بوحشيتها، حتى إنهن مَن ذبحن حوالي 108 مواطنين سوريين من بينهم 34 امرأة و49 طفلا في مدينة حمص فقط وفقا لتقارير دولية.
وردا على خطوة الأسد بدأت المعارضة في تكوين كتائب نسائية في خطوة تعتبر الأولى من نوعها، كما هو الأمر بالنسبة إلى المجموعات المتشددة التي فتحت باب التجنيد للعنصر النسائي في صفوفها.
ولكن الجهاد النسائي في سوريا ضمن المجموعات المتشددة كـ”جبهة النصرة” و “داعش” لم يقتصر فقط على السوريات، فقد فتحت هذه التنظيمات المجال لاستقطاب النساء والفتيات من جميع أنحاء العالم.
وهو ما كشفته العديد من التقارير الصحفية والاستخباراتية التي وثقت ذلك، وهذه الظاهرة أكدها وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو، الذي كشف أن العديد من النساء التونسيات يسافرن إلى سوريا لممارسة “جهاد النكاح” قبل أن يعدن حوامل إلى تونس.
في هذا الصدد يقول الخبير في شؤون الحركات الإسلامية طلال عتريسي إن هذه الظاهرة انتشرت من ناحية مشاركة النساء بشكل مختلف، فما عرف بجهاد النكاح في سوريا هو أن المرأة تأتي لتقيم مع الرجل علاقة خاصة معه وليس للقتال، وهي بذلك ستترك أثرا سلبيا على البيئة الاجتماعية والأخلاقية والعائلية في المجتمعات العربية.