تقول إحدى الأكاديميات، وهي نائبة عميد كلية أصول الدين في إحدى الجامعات: إن المرأة مهيأة للانحراف، ومنه الانحراف الفكري الذي يتجه بها إلى دائرة "الإرهاب"؛ ذلك كونها (ناقصة عقل ودين)!! والسؤال هنا إذا كانت المرأة مهيأة لذلك تحت هذا المبدأ، بماذا تفسر أختنا الفاضلة تدني نسبة النساء بشكل عام في هذه الظاهرة، ولماذا النسبة مرتفعة عند الرجال وهم الذين لا يعانون نقصا في العقل ولا الدين (بحسب المنطق الذي تستند هي عليه)؟؟.. صحيح أن حادثة الكشف عن تنظيم إرهابي مؤخرا تنتمي إليه امرأتان في السعودية - وغيرها من الحالات التي ثبت تورط نساء فيها - لفتت النظر إلى أن المرأة ليست بمنأى دائما عن هذا الفكر والانخراط فيه، وصحيح أن تلك الحوادث أثارت أسف واستهجان الكثير، لكن لا يجوز علما ولا منطقا بل وحتى دينا أن نفسر ونعزو أسباب ذلك إلى أن: "المرأة ناقصة عقل ودين". بل ان الاستشهاد بهذه العبارة غير مقبول نهائيا لتفسير أي انحراف سلوكي أو جريمة تقدم عليها المرأة، ولو كان ذلك جائزا من الناحية الشرعية والعلمية والقانونية لكان هذا مبررا لها في أي جريمة أو انحراف ترتكبه المرأة، لأنها تصبح بهذا المبدأ؛ مثل المجنون الذي رفع عنه القلم. كما أن الاستناد على العبارة السابقة لا يعطي مبررا لها على صعيد الانحراف والجريمة، بل يتجاوز ذلك إلى سلب حقوقها وعدم الاعتداد برأيها وبعلمها وبفكرها، بل وبكينونتها كإنسانة!! كنت أعتقد أن تلك الفئة التي تتشبث بهذه العبارة قد اندثرت، خاصة أنها أصبحت كلمة غير مقبولة "للاستشهاد بها كمنقصة للمرأة" عند الرجال فضلا عن النساء، فلم يعد أحد يقبل على نفسه استغلال هذه الجملة واجتثاثها من دلالاتها الدينية "إن صحت" لإسقاطها على قضايا اجتماعية يراد منها تسفيه المرأة، أو سحب وتعطيل بعض الحقوق الخاصة بها. المؤلم والجارح أن تستخدم المرأة ذاتها هذه الاسقاطات على فئة جنسها، ففي عهد سابق كانت فئة من الرجال هي من يروج لهذه المفاهيم لفرض الهيمنة الذكورية على النساء، وكانت تتخذ كمقدمات وذرائع للسيطرة على النساء وسلب بعض حقوقهن، الآن بدأت هذه الظاهرة تتلاشى قليلا، ولا نريد من أي فئة إحياءها من جديد.. كنا نستهجن من فئة المتاجرين بالدين استغلال الدين وقطف ما يناسبهم منه واسقاطه على ما يدعون له، وقد بدأ الناس يفطنون لهم ولم تعد تنطلي عليهم حججهم المضللة. لا نريد أن نشهد هذه الموجة في عالم الأكاديميين، فهم إن فعلوا هذا بقصد فهذه مصيبة، وإن لم يكن بقصد وكان بجهل منهم فالمصيبة أعظم.
هناك زاوية أخرى يجب لفت النظر لها هنا، فلم يثبت بعد على المرأة من خلال الدراسات العلمية والمنطقية أنها أغبى من الرجل مثلا أو أنها أقل إدراكا منه، أو العكس. هناك اختلاف في طريقة التفكير والعواطف نعم، لكن كجنسين، ذكر وأنثى، متكافئان من الناحية العقلية، أما العاطفية فالمفاجأة؛ أن بعض الدراسات وكثيرا من علماء النفس يذهب إلى أن الرجل أكثر عاطفة من المرأة، وهذا ليس عيبا به طبعا.. بالمناسبة هناك من يفسر نقص العقل والدين الوارد في حديث رسولنا الكريم بقضية شهادة المرأة وتعطلها عن الصلاة في أيام معينة، فإن كان هذا، فلا يجب الاشتقاق والتأويل الزائد على هذا التفسير.