تركز كتب تطوير الذات دوماً على التفاؤل وأهمية وضوح الرؤية والهدف لتحقيق الإنجازات، وبالتالي النجاح المأمول، وهذا صحيح تماماً، فعندما تضع خطة لمهمة تريد إنجازها فمن الطبيعي أن يكون النجاح حليفك، وفي أسوأ الأحوال لن تخرج دون فائدة ومعرفة العقبات وزيادة رصيدك من الخبرات.
كل إنسان فيه جانب يحب النجاح والفوز، والمهم لدى كل منا محاولة تشجيع وتحفيز هذا الجانب في شخصيته، كما أنه من المهم عدم الانكسار أو التراجع في أي مرحلة، ذلك أن العوامل المحبطة أو الصدمات والمفاجآت ستكون ماثلة وموجودة دوماً، فيجب أن يتم تحصين النفس والتعود عليها بل وتوقعها.
في هذا السياق أتذكر كلمة للرئيس الأمريكي تيودور روزفلت والذي عرف عنه حبه للإصلاح والتنمية وحاصل على جائزة نوبل في السلام، حيث قال: «أتمنى أن أرى في المواطن العادي التصميم على عدم التراجع أمام الضربات العارضة في الحياة كما يحصل من حين إلى آخر، بل أن ينهض ثانية وينتزع النصر من الهزيمة»، ولعل من العوامل المساعدة على الصبر والتصميم هو معرفة أن الخسارة أو التراجع أو عدم النجاح قد تكون لأسباب خارجية لا علاقة لها بالشخصية، بمعنى أنه قد يكون لواقع المهمة وطبيعتها أثر في عدم النجاح في إنجازها بالشكل الملائم والمناسب، وبالتالي لا يجب القسوة على النفس ومحاسبتها وكأنها فشلت في مضمار نجح فيه الآخرون.
كذلك يجب علينا أن ندرب أنفسنا لتكون عقولنا إيجابية ومتفائلة، فالعقل الإيجابي هو الأكثر إبداعاً في حل المشاكل، ونبتعد عن التقليدية في التفكير لأنها تراكم المعوقات، والعقل الذي يتبع هذا الأسلوب يمكن معرفته من خلاله ملاحظته عند انغماسه طويلاً في معالجة الأخطاء، وبالتالي عدم الخروج من هذه البوتقة والتركيز على العمل أو المهمة الأساسية، بل تجده فقد ساعات طويلة وهو يعيد ويراجع، ومع مرور الوقت وتراكم المهام يعجز عن إنجازها فيحدث الاستعجال ويفقد التركيز وتكثر الأخطاء ويقع في دوامة لا فكاك منها.
أيضاً الأحلام عامل مهم جداً في تطوير الذات وبالتالي انعكاسها على الحياة العملية بل الحياة الاجتماعية بأسرها سيكون مفيداً ومثمراً، فكلما كانت أحلامك جميلة وإيجابية كانت رؤيتك للحياة متفائلة ومنطلقة تحب العمل والإنجاز، وكثيراً ما نسمع عن ابتكارات تمت وإنجازات كانت بدايتها مجرد أحلام، لكنها اليوم شواهد عظيمة على أرض الواقع لأناس آمنوا بقدراتهم وبعقولهم فقدموا للإنسانية مخترعات متوالية.
غذِّ عقلك بالأحلام الإيجابية والجميلة دون تردد. تقول السيدة آنا اليانور وهي ناشطة حقوقية وقد ترأست لجنة صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: «يكون المستقبل للذين يؤمنون بجمال أحلامهم، احلم أحلاماً كبيرة لتحقق قوة دفع للتغيير» .. وهذه حقيقة باتت اليوم من المسلمات بها، فكلما اتسعت أحلامنا اتسعت آفاقنا وكبر مجال تفكيرنا، وهذا لن يتحقق إلا بالإيجابية مع أنفسنا أولاً ثم محيطنا الاجتماعي.