منذ ولادتها تصرخ بفزع ،لم يبتسم لها من سحبها لتخرج لللحياة وعبس والدها بوجهها وتولى ،ولم تزغرد لقدومها أسرتها ،لإنها أنثى ضعيفة كما يقولون ،تلك الطفلة الوليدة صدمت في اللحظة الأولى التي رأت فيها النور ،صوتها غريب وبكاءها عجيب مرير ،هل هو بكاء خوف؟ ،هلع ضعف ؟أو فرح بالخروج من الظلمات إلى النور؟ ،لا أحد يدري لماذا هذا الصراخ المرير ،تكبر وهي تبكي ايضا ، تذرف الدموع ألما تارة وحزنا تارة أخرى ،تحارب وتنازع وتصارع كي تنال شيئا من حقها بالحياة مثل أخيها الذكر ، قد ينافسها أخوتها الصغار في المنزل على كل إستحقاقتها ، وقد تواجه موجات كيد وحقد من قرائنها بالمدرسة، تبقى كل أنثى سواء طفلة أو صبية يافعة إمرأة ،مثل الطفلة التي تتحدى كل الظروف ، حتى تكبر يافعة تعيش حياة المراهقة بألم وصراع مع من حولها من الأهل والجيران ،تتحدى إذا نضج جسمها وأصبحت أنثى جاذبة ،ترمقها الأعين وتتغزل بها عيون ذئاب بشرية تشتهي لحمها وحمرة خدودها وجدائل شعرها ،تبقى صامدة تلهث تسعى لتحقيق الحلم ،تعمل على تحمل مواجهات الزمن لها لتثبت ذاتها ،يرددون على مسامعها أيتها الأنثى مصيرك المنزل وشهادة من مأذون شرعي ،اجلسي في البيت مثل أسلافك من النساء ،ولأنك أنثى عليك الطاعة والإذعان والرضي بما يطلبه منه ولي الأمر سواء كان أباك زوجك أخيك حتى أبناءك الذكور مديرك بالعمل عليك السمع والطاعة كي لا تكوني ناشز متمردة منبوذة ،تصمت وتتحدى تواصل المشوار ،تكبر فتصبح امرأة ناضجة أكثر إثارة ناضجة مكتملة جاهزة كأم كربة بيت مربية معلمة قائدة ،لكن المجتمع يضطهدها ويضغط عليها كي يحد من طموحها ،لا تتراجع تصمم على الصمود رغم كل التحديات التي تواجهها بحياتها منذ مماتها حتى مماتها كي تكون ذات بصمة لها دورها الذي منحها الله لها وهو حق مكتسب لها ،كي يؤمن المجتمع بأنها بشر لها كيان وإنجاز ،وأنها أساس البناء والتنمية والحياة،لكنهم يصممون على استضعافها ذلك لإنها أنثى مهما كبرت أو حققت أو أنجزت تبقى أصابع الإتهام متجهة نحوها إذا أخفق المجتمع وإذا صلح وتميز تنسى ويطوى إنجازها في عالم النسيان ،معظمهم هكذا يتناسون جهودها لهفوة وخطأ بسيط غير مقصود ويرددون دوما ناقصات عقل ودين ،ذلك أن النقص سمتهم والإخفاق هم المتسببون به .