الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

جوزنا يا سيسي

  • 1/2
  • 2/2

بين عشية وضحاها استيقظت مصر على طوفان من التبرعات التي فتح لها الطريق رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي، عندما تفضل مشكوراً بالتبرع بنصف ثروته ونصف راتبه. ليعقب ذلك مبادرات عديدة منها ما هو صادق النية ومنها ما كان من منطلق المشاركة في الزفة.
وبغض النظر عن النوايا التي لا يعلمها إلا المولى عز وجل، والتي لا أجرؤ على الحكم عليها او التدخل فيها، كل ما يهمني هو المبالغ التي تحدثت عنها الأخبار التي تناقلتها الصحف والمواقع الألكترونية المختلفة، فها هو رجل أعمال يتبرع بنصف ثروته التي تقدر بالمليارات، والآخر الذي بادر بالتبرع بمبلغ تقدر قيمته بنصف رواتب العاملين في شركاته المختلفة، ليتبعه فنان بالتبرع بمليون من المبلغ الذي تقاضاه كأجر عن مسلسله الأخير، ومحافظ يتبرع براتيه كاملا مدي الحياة، وآخر يقرر التبرع بنصف الراتب فقط..
مزاد أقيم تحت شعار "مين يزود" دون أن يسأل أحداً هؤلاء عن حقيقة تلك المبالغ وأين سوف تضخ، أو من سوف يكون المسئول عن انفاقها وتوجيهها؟.
من المؤكد أن حكومة سيادة الرئيس سوف تعمل جاهدة على تحصيل هذه الأموال والتأكد من أنها ليست مجرد "طق حنك" من أصحابها، ليؤكدوا لمعالي الرئيس تأيدهم له بالقول والفعل لأنه قدوتهم وقائد مسيرتهم. وحتما سوف تضخها الحكومة المبجلة في أماكنها الصحيحة.
لا سمحني .. سوف استبدل كلمة "حتما" تلك بكلمة "ربما" فالأمر أصبح مشكوك فيه نسبياً اذا اردت أن تشاركني في شكي فكل ما عليك هو الرجوع قليلاً بالذاكرة إلى الخلف، لتوقف شريطها الدوار على مشهد مشابهه كان بطله المذيع خيري رمضان الذي تبنى حمله لدعم الاقتصاد المصري في عهد المعزول، وانهالت عليه الملايين في مشهد اقشعرت له الأبدان وحمدت الألسنه ربها على أنها ولدت في وطن متكاتف كوطننا الحبيب "وايد على ايد تشيل وجنيه على جنيه يبني".
لكن أين ذهبت تلك الأموال؟ في أي شيء انفقت؟ لأي مصدر توجهت؟
اسئلة لا أعرف لها إجابات، ربما بحكم جهلي، او ضعف ذاكرتي، ولكن هل تعرفها انت "أن كنت تعرفها اكسب فيا ثواب ربنا يسعدك ودلني عليها"، اعتقد انك لن تعثر على إجابات لها مثلي، ليس لانك مصاب بزهايمر مبكر زي سعادتي، ولكن لأن تلك الاسئلة ليس لها إجابات من الأساس.
وبرغم ذلك نكرر الخطأ بنفس المهارة، ونتبارى في التبرع بالآلاف والملايين بل والمليارات. دون أن نتوقف لنعرف "بتبرع لأيه وهايحصل امتي بالظبط".
وهذا يدفعني لاقتراح ربما يكون ساذج لكنه أتى على ذهني نظرا لما أعيشه مؤخراً من أزمات أقسم بالمولى عز وجل أن الملايين من شباب هذا البلد يعيشها معي.
ودعني قبل أن ابدأ اقتراحي الذي ربما يكون ساذج في نظر البعض، أن أطرح بعض الأسئلة عليك أن كنت من نفس شريحتي.
انت متجوز؟ لو لاء.. عارف تتجوز؟ لو آه.. عارف تعيش وتربي عيالك؟
طبعا الاجابات معروفة، ومكررة، لانها مأساة نعيشها جميعا في بلد حاله يصعب ع الكافر.. انا عن نفسي مش عارفه اتجوز، وبرغم أني أعمل على قدم وساق أنا وحبيبي لكي نبدأ حياة معا بابسط التكاليف وبلا رفاهيات تقريبا، إلا أننا نعاني من أزمات وديون وشبح الفشل الذي يفرض سطوته على تفكيرنا من وقت لآخر، وهذا لوحده كفيل بأن يعكر صفو الحياة، ويجعلني في نظرة سيدة النكد الأولى وهو في عيني ملك العصبية الأوحد..
ضغوط نعيشها من وقت لآخر لأننا لم نعد نملك مالا نستطيع من خلاله أن نتم المشروع ونؤثث البيت، على الرغم من أننا وبفضل الله احسن من غيرنا بكتيييييييير ..امسكوا الخشب .. احنا عندنا شقه .. وعفشنا خلص من عند النجاريين لكنه مرهون لدى الاستورجية.. مستنى النقدية عشان يبقى في البيت بين الاربع حيطان..
طب لو قدرنا نتحايل على الظروف ومن خلال الاختراع المصري العبقري المسمى "بالجمعية" أن ننجز ما تبقى من أمور الزواج كمن سبقونا.. هانعيش ازاى بعد كده؟ واحنا بادئين حياتنا بديون؟ في ظل ظروف اقتصادية منيلة بستين نيلة على البلد كلها.. المرتب هايكفي اكل وشرب وفواتير وعلاج واقساط جمعية؟ ابقى قابلني..
اعترف أننا فكرنا اكتر من مرة "إننا نفض الليلة بلا جواز بلا قرف، مالها الوحده ليا وليه، نعيش ملوك كل واحد في دنيته. ليه تحب او تسمح لحد انه يحبك، ليه تحلم ببيت وبعيال وانت مش عارف تكمل لاخر الشهر من غير ديون". لكن ولأني وحبيبي على اقتناع كامل بأن الحب يصنع المعجزات لا زلنا في انتظار معجزة تهبط من السماء، وواثقين إن ربنا مش هاينسانا، لاننا عايزين نعمل بيت بما يرضي الله.
فيه في مصر حضرتك بقى كام اتنين زي حالاتي أنا وخالد .. ماتعدش .. وكام اتنين فيهم اتنازلوا عن حلمهم البسيط لأنهم مش قادرين يكملوه.. وسابو بعض تحت ضغط الجملة المأثورة اللي كسرت قلوب كتير .. "هو مين في البلد دي اتجوز اللي بيحبه"، طب ليه ولاد البلد دي ما يتجوزوش اللي بيحبوه .. هما ايه ولاد البطة السودة ولا ايه ..
بعدت بيك عن الموضوع .. بالعكس ..أنا حطيتك جواه .. ودلوقتى أقدر اقولك اقتراحي اللى ممكن يكون ساذج .. لكن برضة جايز يكون منطقي.. اسمع سعادتك..
ليه ما فيش حد من اللى اتبرعوا بالملايين دول، بدل ما ياخدهم يرميهم في صندوق وما نعرفش راحوا فين ولا بنوا كام وحدة سكنية يشتريها اللي معاهم فلوس ويتاجروا بيها وكسبوا قرشين عشان نرجع ندور في نفس الدايرة اللي مابتخلصش..
ليه كل واحد من دول ما يدورش حواليه ويرصد بنفسه كام شاب عايز يتجوز ومش عارف عشان ماعندوش شقة، ولا ما يملكش تكاليف تأسيسها؟
ليه ما يتبناش حالات واقعية يعرف هي محتاجه كام عشان يعملوا بيت وعيلة ويشرف علي الموضوع بنفسه ويبقى عارف فلوسه رايحه فين، على الأقل يكسب ناس تدعي له بجد؟..
ليه ما يدورش على المتجوزين اللي عايشين يتنططوا بين شقق الإيجار اللي بيزيد يوم عن يوم وياكل المرتبات اللي ما بتزيدش ابدا ويخليهم أصحاب شقق بدل ماهم أصحاب مرض؟.
ليه ما يروحش لشاب عنده حلم وامل ومشروع ويساعده ويشرف عليه؟.
ليه ما تعرفش فلوسك رايحه فين ولمين وها يتعمل بيها إيه ويكون تحت عنيك؟
الموضوع مش صعب ولا مستحيل ولا عايز صناديق ولا لجان ولا شو غعلامي مالوش لازمة، الموضوع عايز نية صادقه بجد، هو إننا نساعد ولاد البلد دي عشان ما يحسوش إن مستقبلهم بيضيع، ومش قادرين يعيشوا زي البني آدمين لمجرد إنهم ما يملكوش حاجه في الدنيا إلا الستر.. ومش هاقول الصحة لان النكد اللي بنعشيه بسبب الازمات المادية قادر يجيب لنا المرض ..
عشان كده اخترت عنوان المقال ده يكون "جوزنا يا سيسي" .. جوزنا انت ورجال الاعمال اللي قلدوك.. مش فضل ولا منحه .. لكنه حق وواجب.. عشان تبني البلد دي صح .. لازم ولادها يعيشوا صح.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى