لا أحد ينكر طبيعة الحياة الاجتماعية وظروفها المتنوعة والتي في كثير من الأحيان نشاهد خلالها سلوكيات تزعجنا أو ممارسات تؤلمنا بل قد تكون خادشة للذوق العام، لهذا يأتي القانون لينظم ويرتب مثل هذه الجوانب، وهو في الحقيقة يهدف لحماية أفراد المجتمع من أي تجاوز قد يقوم به ضعاف النفوس، لذا من البديهي أنه لو قدر لك وتجولت في مختلف دول العالم ستلاحظ مباشرة وتعرف البلدان التي تسودها الأنظمة والقوانين ويتم تطبيقها بجدية وشمولية، وهذا ستدركه بعدة ملاحظات عامة تبدأ من صرامة قانون السير وتنظيم المركبات ومدى التقيد بهذه القوانين.
ستلاحظها أيضاً من خلال مظلة الأمن والاستقرار التي تسود فيه أجواء صحية من العمل إلى شؤون الحياة المختلفة. لكن المشكلة أن هناك جوانب مؤذية لا يمكن للقانون التدخل فيها أو لا يمكن له أن ينصفك. توجد ممارسات صغيرة جداً لا يراها القانون ولكنها تصيبك من الداخل فتؤذي مشاعرك وتحطم فؤادك.
لن أذهب بعيداً، على سبيل المثال مجموعة من الأصدقاء يجلسون خلال غيابك والنيل منك بالغيبة والنميمة، والمشكلة أنهم يتبادلون جميعاً معلومات خاطئة تماماً، وعنهم تنتقل هذه المعلومات لمجتمع أكبر وهكذا، أيضاً كيف ستردع شخصاً يتدخل في حياتك الشخصية بشكل سافر وواضح تحت شعار مصلحتك. أدرك أنه يمكن لكل شخص منا وقف مثل هذه المهازل، وأدرك أنها تحدث في كل مجتمع، لكنني أتساءل ماذا لو كل منا انشغل بنفسه وتطويرها وترك الخلق للخالق؟
ماذا لو أن كلاً منا كف أذاه عن الآخرين ورؤية عيوبهم وتتبع سقطاتهم وانشغل بنفسه؟ ما يحدث أن هناك من يتبرع ويقدم لك لوماً ونقداً لاذعاً وهو والله أكثر حاجة لنقد تصرفاته والنظر لعيوبه. أتذكر مقولة للرئيس الأمريكي إبراهام لينكون: «لا تلم أحداً حتى لا تُلام». والمقولة الشهيرة لحكيم الصين كونفشيوس والتي قال فيها: «لا تتذمر من الجليد المتراكم على عتبة جارك قبل أن تزيل ما تراكم على عتبتك أولاً». ولماذا أذهب بعيداً، فهذا هو رسولنا الحبيب الكريم يقول: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه». نحن بحق بحاجة للانشغال بأنفسنا وعيوبنا والابتعاد عن تصنيف الناس وهذا جيد وهذا سيئ، هذا كريم وهذا بخيل، هذا ذكي وهذا غبي… إلخ. بحاجة للانشغال على تطوير ثقافتنا وتنمية قدراتنا، ولن يأتي هذا وعيوننا كالرادار على الآخرين نراقب حركاتهم ونرصد همساتهم .. إنها ممارسة سيئة جداً.