الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

مفارقة الجسد والعقل

  • 1/2
  • 2/2

نحن دوماً نولي بعض الأمور الظاهرية جل الاهتمام والعناية، وهذا جيد بطبيعة الحال، لكن غير الجيد هو إهمال بعض الجوانب غير المرئية، أو التي تكون شعورية أكثر منها محسوسة. سأضرب مثالاً لمحاولة تقريب الفكرة، عناية البعض بأجسادهم، هناك هوس واضح بهذا الجانب تجاوز مسألة الرياضة وتخفيف الوزن إلى أبعد من هذا بمراحل، فباتت هناك تدريبات تستهدف شد عضلات محددة في الجسد، لإظهاره بصورة متناسقة. أتناول هذا الموضوع لما أشاهده لدى البعض من النساء من هوس بالغ، إلا أنني أجزم أن الحال إذا لم يكن أكبر وأكثر لدى البعض من الرجال، فإنه لن يكون أقل.
أقول، إن الهاجس لم يعد هو المحافظة على رشاقة جسدية صحية، ومحاولة التخلص من الدهون الزائدة الضارة في الجسد، وبالتالي المحافظة على الرشاقة وجسد يتمتع بمرونة بدنية، بل بات السعي لدى شريحة لا بأس بها أشبه بالتوجه نحو الكماليات، بمعنى لا فائدة منها سوى المظهر، ومثل هذا الاهتمام مكلف جسدياً وأيضاً مادياً، لكن الأخطر أن هذا الهوس وصل لنقطة قد تتسبب فيها المرأة لنفسها باعتلال، وقد يداهمها المرض، كيف؟
ما يحدث في أحيان كثيرة أن البعض يصل بها الهوس لتناول أقراص تستهدف، كما يقال، تقوية إنتاج الجسد من هرمونات معينة، والمشكلة أنه يتم التركيز أيضاً على أغذية محددة، وبالتالي فإن الجسد يفقد توازنه الطبيعي، ويفتقر لبعض الفيتامينات، مما يسبب المرض، وهذا حدث في أكثر من قصة سبق أن سمعتها. الموضوع تجاري بشكل صرف، ويتم تجنب الحصول على استشارة طبية متخصصة، أو حتى استطلاع رأي متخصص في علوم الغذاء والحمية.
يقابل هذا التوجه عزوف عن أي نشاط قد ينمي العقل ويقوي الذاكرة، في حياتنا المعاصرة باتت كثير من المعلومات تصلنا دون عناء البحث أو التقصي والمتابعة، كل شيء يصل لأيدينا التي تحمل الهواتف الذكية، وهواتفنا مزودة بشرائح متخصصة في كل شيء، وبضغطة زر يمكننا أن نحصل على أي معلومة دون عناء التفكير، مثل الآلة الحاسبة. وصل بنا الحال إلى أن جدول الضرب لا يتم حفظه بحجة أنه بضغطة زر أعرف نتيجة خمسة في خمسة! واقعنا اليوم توجه نحو الأمور الظاهرية، وركزنا عليها، ولكنا أهملنا مع الأسف الجوانب التي تنمي الذكاء، وتحافظ على صحة العقل ولياقته، أمام كل هذا السيل من المعلومات المعلبة والجاهزة، والتي كأنها تقول لنا لا تفكر نحن نفكر بدلاً عنك.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى