انتشرت ظاهرة التحرش الجنسي بمستوى غير مسبوق في الاردن مؤخرا ما أدى الى إزدياد عدد الضحايا من الفتيات اللاتي يتكتمن غالبا الحديث عن الإنتهاكات التي تعرضن لها، وسط غياب وضعف في التشريع القانوني والوازع الأخلاقي.
رئيسة وحدة حقوق المرأة في المركز الوطني لحقوق الإنسان بثينة فريحات أوضحت لـ «القدس العربي» ان المادة 308 من قانون العقوبات الاردني التي تزوج المغتصبات، لا تجرم فعل التحرش الجنسي بل تقدم الضحية «المرأة «كهدية لمغتصبها الرجل، وتساهم في إزدياد جرائم التحرش الجنسي وتزيد من عدد الضحايا ومن وقع الإنتهاكات على المرأة.
وأضافت انه تم الضغط على مجلس النواب من قبل مؤسسات المجتمع المدني لالغاء المادة 308 الا انه لم يتخذ أي إجراء حتى الآن.
وبينت ان قانون العقوبات وضع بعض النصوص التي تجرم فعل التحرش وعقوبات مشددة على الجاني في حال اذا كانت الضحية أقل من 18 عاما أو في حال وقع الإنتهاك عليها من قبل اصولها وفروعها من المحارم وفي حال كانت تعاني من إعاقات عقلية.
وأشارت الى وجود حالات كثيرة من التحرش الجنسي لا تصل الى القضاء والمراكز الأمنية، بل يتم التراضي بشأنها بين الطرفين «أهل الضحية والجاني» ويقوم الأهل بحلها خوفا على سمعة المرأة والعائلة وأحيانا يتدخل الحاكم الإداري فقط. وهناك قضايا تقع ضحيتها الأنثى ويمنعها الخوف ونظرة المجتمع من الحديث عنها وعن الإنتهاك الذي وقع عليها.
وزادت بان هناك حالات تتعرض الضحية فيها الى ظلم الأهل والمجتمع معا بعد تهديد حياتها، لذلك يصدر الحاكم الإداري قرارا بتوقيف الضحية التي تم الإعتداء عليها جنسيا في مراكز الإصلاح والتأهيل لحمايتها ورعايتها وخوفا من تعرضها للقتل من قبل ذويها.
وبينت أنه في مثل هذه الحالات لا بد من فتح مراكز خاصة لضحايا التحرش الجنسي وليس وضعهن كسجينات داخل مراكز الإصلاح والتأهيل.
وفيما يتعلق بحقوق المرأة قالت «ان القانون أعطاها حقوقا لكنها نظرية مكتوبة ولا تطبق بشكل عملي».
لفتت ظاهرة التحرش الجنسي نظر كثيرين في الأردن خاصة بعد شيوعها والجدل والقرارات التي أتخذت حولها في مصر، وتوجه مكتب «القدس العربي» في عمان بسؤال تضمن وجود الظاهرة أصلا أو إنكارها الى عدد من الأشخاص وكانت نتائج الإجابات لافتة للنظر.
يقول أسامة ديب «أن ظاهرة التحرش الجنسي موجودة في كل العالم والاردن ليس إستثناء وقد يكون هنالك تحرش باللفظ لكن لا يصل الأمر الى اللمس او الإغتصاب فهذا نادر في الاردن، لان هذه الجرائم تأخذ أبعادا سلبية في مجتمعنا العشائري المحافظ».
ويتحدث وائل الخطيب، عن أن الحرمان والكبت عند الرجل يسبب إنتشار ظاهرة التحرش الجنسي.
وتشير باسمة سليمان الى إنتشار ظاهرة التحرش الجنسي في شوارع عمان وتحديدا في مدينتهم مأدبا ما يسبب لها الأذى النفسي أثناء مشيها في الشارع.
أستاذ علم الإجتماع الدكتور حسين محادين أشار الى «ان فعل التحرش يرجع الى أنماط البيئة الاجتماعية داخل الأسرة وهذه الأنماط تتجلى في وجود تمييز على أساس النوع عدا عن ان المرأة تبدو في أذهان الذكور الأقل مرتبة والأسهل نهشا وبالتالي يصير سعيهم لإكتشافها سعيا منحرفا، خصوصا مع وجود عوامل الضغط داخل المجتمع ما يجعل المرأة تشعر بالذنب والخوف بسبب وقوع هذا الأذى عليها».
وبين «ان الأنثى في ظل إنتشار ظاهرة التحرش الجنسي تكون حريصة على ألا تكون مبادرة في التصريح، خاصة في مجتمع يتواطأ ضمنا مع الرجل، وجراء ضعف القوانين الأخلاقية والاجتماعية وفي الصمت عن هذه الجريمة». ودعا محادين الى ضرورة توجيه التنشئة الاجتماعية وتربية الأجيال على أساس الفهم المشترك بحيث يصار الى تقسيم العمل داخل الأسرة على الجنسين بعيدا عن التمييز الذكوري وعدم التشديد المبالغ فيه على الأنثى بحيث يصل الى زرع الشك في شخصيتها.
وزاد أنه لا بد من التوعية المستمرة للإناث وتوضيح ان عملية تعرضهن للتحرش الجنسي مرفوضة ويجب ان يفصح عنها في حال حدوثها كون القوانين الأسرية والمدنية بوسعها ان تردع من يقدم على هذا السلوك.
وتابع: لا بد من إقامة النشاطات الحرة في المدارس والجامعات للتقليل من فضول الإكتشاف بين الجنسين والذي يترجم في صورة تحرش.
ومن جهة أخرى بين تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية حول ظاهرة التحرش ان الاردن وصل لمستويات غير مسبوقة في هذا الجانب خصوصا مع إنخراط المرأة الاردنية في سوق العمل مستعرضا ضعف المنظمات التي تعنى بحقوق المرأة والدفاع عنها والتي تعمل غالبا وفقا لرغبات الحكومة وتفتقر للدعم الشعبي.
وحذر التقرير من صمت الاردن على ما يجري حول الظاهرة ووجوب إتخاذ اجراءات من جانب السلطات لتلاشي الوقوع في أزمة مصر فيما يتعلق بتفشي الظاهرة. ولمحمد الحويطات رأي آخر في ظاهرة التحرش الجنسي فهو يعتقد ان المشكلة ليست في الظاهرة في حد ذاتها ولكن في قبول المجتمع لها أو ممارسة الشباب السلبية لفعل التحرش.
ويؤكد بدر الخطايبة ان ظاهرة التحرش في الاردن تأخد درجات وحدودا ومراحل؛ تبدأ بوجود فارق في الإهتمام ولا يوجد مجتمع يخلو من ذلك؛ اما مجتمعنا فانه يصفه بالتحرش السلبي سواء بالنظرات أو غير ذلك والسبب في ذلك اننا مجتمع ذكوري مريض.
ووفقا لأمينة سر اللجنة الوطنية الاردنية لشؤون المرأة أسمى خضر فان 80 في المئة من النساء يواجهن التحرش وهذا الرقم آخذ في الإزدياد في ظل غياب أرقام وأحصائيات دقيقة حوله.
ويرى خبراء قانونيون ان الأردن خال بشكل شبه كامل من قضايا التحرش الجنسي في ملفات القضاء لأنها لا تستند الى دليل، ولا يوجد شهود لإثبات واقعة التحرش، إنما هناك قضايا هتك عرض يمكن وصفها بالتحرش الجنسي العنيف من الرجل الذي يقوم بوضع يده على شعر أو جسد المرأة أو بلمس منطقة حساسة من جسد الفتاة.