اين انا الان ؟ اشعر انني خفيفة جدا مثل ريشة يعبث بها الهواء كما يشاء ؛ انني افقد توازني ؛ لا اكاد احس بثقل جسدي ؛ بل احس اني فقدت جسدي تماما ؛ احاول ان احرك يدي و المس رجلي ؛ يا الاهي يدي ليست هنا ايضا ؛ اين ذهبت ؟؟ لا اشعر بها ؛ راسي خفيف جدا يتحرك دون ان احركه ؛ اذا كنت قد فقدت حواسي فلماذا استمر بالشعور بما حولي ؟؟
ارى انوار كثيرة تتراقص امام عيوني ؛ صدقا لا استطيع ان اجزم ان كانت تتراقص امام عيوني او امام شئ آخر المهم احس بوجودها .
الصمت حولي رهيب ؛ ترى اين انا الان ؟ لا اعرف هذا المكان و لا اعتقد انني زرته من قبل ؛ يشبه البحر ؛ لا ؛ لا اعتقد ؛ لا اشعر بالبلل.
ارهف السمع فتأتيني اصوات بعيدة ؛ لا تشبه همس العشاق او مناجاة النساك ؛ فيها الم و حشرجات؛ انها صرخات استغاثة ؛ ادور حول نفسي و تزداد حيرتي .
اين انا ؟ ومن اكون ؟؟ حين قفز الى ذهني السؤال الاخير اكتشفت اني لا اذكر شئ ؛ لقد فقدت الذاكرة تماما ؛ نعم فقدتها ؛ لا اسم لي و لا تاريخ ميلاد ؛ لا عنوان و لا اهل حتى ذكريات حبيب لا املك.
هل انا نكرة لا تاريخ لها ؛ او بقايا وجود بشري لفظته احشاء الكون ؛ من اكون و كيف استمر بلا ذاكرة ؟؟
بدأت الاصوات البعيدة تقترب اكثر مني ؛ صارت اوضح ؛ فجأة حصل دوي كبير عقبه صوت انفجار كبير هز ارجاء الفضاء الذي كنت اسبح فيه ؛ ثم بعد ثواني اطلت علي بعض الوجوه و تحلقت حولي ؛ بدت لي أليفة و لكني لم افلح في تذكر اي منها .
اقترب احدهم مني كثيرا حتى كاد يلتصق بي ؛ و دفع بإتجاهي بورقة بيضاء يلطخ بياضها الاحمر ؛ عرفت فيما بعد انها دمائي؛ و انني كنت اكتب رسالة لحبيبتي قبل ان يخترق رصاص الرشاش صدري ؛ فسقطت الرسالة في دمي و بقيت ذاكرتي عائمة بين سطورها .
عادت لي ذاكرتي اخيرا ؛ الموتى يحملون دائما ذكرياتهم معهم ؛ لا حاجة لاهل الارض بذكرياتنا ؛ نحن ننتهي حين تجف اخر الدموع الارضية ؛ و ننسي كما نستنا الحياة.
القيت نظرة اخيرة على اشلائي المبعثرة ؛ عانقت اخر ذكرياتي و انسحبت من مجالكم الجوي و انطفأت.