اندفاع العواطف يحجب الحقيقة في كثير من الحالات، حيث يؤثر البعض على مشاعر الفتيات ويستميلونهن دون وازع، وتكون نتيجة ذلك وقوعهن في مشاكل نفسية، وقد يمس بعضها ما هو متعلق بالجانب الاجتماعي للأسرة، ويعود السبب الأساسي في تعقيد الموقف، إلى أن الثقة وُضعت في غير موضعها يوما ما، حيث لم يكن المحبوب جديرا بالثقة.
كثيرات هن الفتيات اللاتي تعرّضن للنصب، عبر نصب شراك الحب على طريقة الروائيات السينمائية، وفي هذا الإطار تقول ريم محمد، طالبة: تقع المسؤولية على الفتاة في هذا الأمر، فهي لم تتوخَ الحذر، فعليها أن تعرف أن هذه الأساليب لا تؤدي إلى الزواج لأن طريق الزواج مسلكه معروف وهو عبر بوابة منزل العائلة.
وفي مشوار الحب تتأثر الفتاة بسرعة، خصوصا مَن تقدم بها العمر ولم تعثر على الزوج المناسب، وهي لضيق فرصها تصدق كلمات الحب ومعسول الغزل، مع تأثير الإعلام في مثل هذه الحالات، فكلها عوامل تدفع الفتاة إلى هذا الطريق.
أما الشاب الذي يقبل على ارتكاب هذه الأعمال فلا علاقة له بنخوات الرجولة، ولا بحرمات الدين ولا العادات لأن صفات الرجولة ومعاييرها لا تتضمن النصب والاحتيال.
أما مروة سعيد، التي تعمل في مؤسسة مصرفية، فتقول: أنا إحدى ضحايا الابتزاز العاطفي، بعدما تعرفت إلى زميل في العمل، وأوهمني بكلمات الحب والغرام أنه عازم على الزواج، ثم بدأ يختلق الأعذار، ويطلب مني الأموال، ومع أن راتبه يزيد على راتبي ضعفين، إلا أنه حصل مني على ما يزيد عن 60 ألف جنيه، وعشت معه “أحلى الأيام” بعدما وعدني بالارتباط والزواج، ثم تركني بعد أن غيّر مكان عمله ورقم هاتفه، ولم أعد أعثر له على أثر، فعلمت أنني تعرضت إلى عملية نصب حقيرة.
وتعترف إلهام السعدني، موظفة: نعم تعرّضتُ لعملية استغلال من قبل، ودون الخوض في التفاصيل، فإن هذه العملية كانت نهايتها الطلاق، وهذا هو أبشع استغلال.
وتتابع: يجيد الشاب استغلال الفتاة خصوصا إذا كانت غير جميلة أو تُعاني فراغا عاطفيا، والفتاة الساذجة عديمة الخبرة هي التي تقع في الشرك بسرعة، ولا تستطيع اكتشاف شخصية الشاب الملتزم من الاستغلالي، وهو شخص قد تكون لديه عُقدة نفسية من فتاة أخرى عاش معها قصة حب فاشلة، وتعرض معها لنوع من الخيانة، فيحاول الانتقام من أخرى، لكي “يشفي غليله” ويحصل منها على ما يريد من نقود وهدايا.
بينما تقول ياسمين حمدي، شابة تعمل في مجال مستحضرات التجميل، هذه عمليات نصب، والفتاة غير المدركة بمتاهات الحياة هي التي تصدق الكلام المعسول، وكبيرة السن هي الأكثر عُرضة لهذه المواقف؛ لأنها تخاف من أن يفوتها قطار الزواج، ومن الممكن أن تتعامل بشكل عادي، ولا فرق لديها بين الجدية وعدم الجدية، وتحمد الله لأنها تتعرض لمثل هذه المواقف.
أما سلمى حمزة، طالبة في الجامعة الأميركية، فتقول: لقد تعرّضت إحدى صديقاتي لموقف مُشابه، واستمرت في علاقة ثم فشلت، بعدما حصل منها على ما يريد، وتضيف: إن البنت تكون غير مُدركة أنه تم استغلالها، وحين تدرك ذلك حتما لن تستمر في العلاقة أبدا.
وفي هذا السياق يقول سامي شعير الخبير في علم الاجتماع: إن حالات الاستغلال موجودة، وإن كانت لا تمثل ظاهرة في المجتمع، إلا أن هناك فئة من الشبان ممن يجيدون التغزل للوصول إلى قلب البنت، بغرض الوصول إلى ما تملك من مال، حيث تقع الفتاة فريسة نسج الأوهام، وتبدأ معها عملية الابتزاز المالي عبر دفع فواتير الهاتف، وشراء الهدايا والعطور، ووصل الأمر إلى حد شراء الملابس ذات الماركات الفاخرة وأغلاها لمن يستميل قلبها.
وعن رأي علم النفس في الموضوع، يقول الدكتور عمرو عثمان استشاري الأمراض النفسية والعصبية بالقاهرة: إن الفتيات اللاتي يتعرضن للنصب عن طريق بعض الأشخاص الذين يوهمونهن بالحب، يعانين فراغا عاطفيا شديدا، ولهذا الفراغ أسباب عديدة منها التفكك الأسري، أو الوحدة، أو ضغوط الحياة الجادة والصعبة التي تجعلها عرضة لأي هجوم عاطفي، حتى ولو كانت علامات زيف هذه العاطفة واضحة وجلية.
ويضيف: أن الحل يكمُن في التربية منذ الصغر، وعدم حرمان الفتيات من العاطفة والحنان في البيت، حتى لا تبحث عنه في مكان آخر، وأيضا يجب أن تصادق الأم ابنتها، حتى تهرع البنت إليها عند تعرُّضها لأي موقف فيه شبهة نصب أو احتيال، فالحل دائما هو تجنيب الفتاة أو السيدة نفسها من حدوث أي فراغ عاطفي، وذلك عن طريق إشغال النفس بأشياء عملية مفيدة مثل رعاية الأيتام، أو مساعدة الفقراء، أو أي نشاط اجتماعي مناسب لها؛ مما يساعدها على ملء فراغها العاطفي، بدلا من وقوعها في براثن نصَّاب يملأ هذا الفراغ.
العرب