الدكتور محمد فتحي راشد الحريري - الإمارات العربية المتحدة- خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "
الغيمة من الجذر(غ ي م)، وجمعه غُيوم وغِيام؛ قال أَبو حية النميري:
يَلُوحُ بها المُذَلَّقُ مِذْرَياه، ***خُروجَ النجمِ من صَلَعِ الغِيام
وقد غامَت السماء وأَغامَت و أغيمت وتَغَيَّمَت وغَيَّمت، كله بمعنى واحد.
وأغيم القومُ إذا أصابهم غَيْم.
ويوم غَيُوم: ذو غَيم، حُكي عن ثعلب.
والغَيم أيضاً عند العرب العطش وحرّ الجوف؛ وأَنشد:
ما زالتِ الدَّلْوُ لها تَعُودُ، ***حتى أَفاقَ غَيْمُها المَجْهُودُ
قال ابن بري: ضمير الهاء في قوله (لها) تعود على بئر تقدم ذكرها في شعره، قال: ويجوز أَن تعود على الإبل أَي ما زالت تعود في البئر لأَجلها. وقال أَبو عبيد: والغَيْمة العطش، وهو الغَيْم. في حين قال أَبو عمرو: الغيم والغَيْن العطش، وقد غام يَغِيم وغان يَغِين.
وفي الحديث: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، (كان يتعوذ من العَيْمة والغَيْمة والأَيْمة)؛ فالعَيْمة: شدّة الشهوة للبن، والغَيمة شدّة العطش، والأَيمة العُزْبة.
وقد غام إلى الماء يَغِيم غَيْمة وغَيَماناً ومَغِيماً؛ عن ابن الأَعرابي، فهو غَيْمان، والمرأَة غَيْمَى؛ وقال رَبيعة ابن مقروم الضبي يصف أُتُناً:
فَظَلَّتْ صَوافِنَ، خُزْرَ العُيون ***إلى الشمس مِن رَهْبةٍ أَن تَغِيما
وتروى أيضاً: فظلت صَواديَ أَي عطاشاً.
الدَّجْنُ: ظلُّ الغيم في اليوم المَطير. ابن سيده: الدَّجْن إلباسُ الغَيم الأَرضَ، وقيل: هو إِلْباسُه أَقطارَ السماء، والجمع أَدْجان ودُجون ودِجان؛ قال أَبو صخر الهذلي: ولذائذ مَعْسولة في رِيقةٍ،*** وصِباً لنا كدِجانِ يومٍ ماطرِ.
وقد أَدْجَن يومُنا وادْجَوْجن، فهو مُدْجن إذا أَضَبَّ فأَظلم.
وأَدْجَنوا: دخلوا في الدَّجْن؛ حكاها الفارسي. قال ابن الأَعرابي: دَجَن يومُنا يَدْجُن، بالضم، دَجْناً ودُجوناً ودَغَن، ويوم ذو دُجُنَّة ودُغُنَّة.
ويوم دَجْنٌ إذا كان ذا مطر، ويوم دَغْنٌ إذا كان ذا غَيم بلا مطر.
والدَّجْن المطر الكثير.
وأَدْجَنت السماء: دام مطرها؛ قال لبيد بن أبي ربيعة رضي الله عنه
من كلِّ ساريـةٍ وغادٍ مُدْجِنٍ،*** وعَشِيّةٍ مُتَجاوِبٍ إرْزامُهـــــــا.
وأَدْجَن المطر: دام فلم يُقْلع أَياماً، وأَدجَنت عليه الحمّى كذلك؛ عن ابن الأَعرابي.
والدُّجُنَّة من الغيم: المُطَبّقُ تطبيقاً، الرَّيان المُظْلم الذي ليس فيه مطر. يقال: يومُ دَجْنٍ ويومُ دُجُنَّة، بالتشديد، وكذلك الليلة على وجهين بالوصف والإضافة.
والدُّجْنة الظُّلمة، وجمعها دُجُن.
ويطالعنا (الدجن) في مسمطة طرفة بن العبد من خلال بيان فلسفته الخاصة:
ولولا ثلاث هن من عيشة الفتى***وجدك لم أحفل متى قام عودي
فمنهن سبقي العاذلات بشربـــةٍ***كُمْيت متى ما تعل بالماء تزبـد
وكري إذا نادى المضاف محنّبا***كسيد الغضـــا, نبهته, المتورد
وتقصير يوم الدّجْنِ والدّجنُ معجب***ببهكنةٍ تحت الخباء المعمّد
فهو ذو هدف في الحياة، لولا ثلاثة أشياء لما عاش، وثالث هذه الاشياء هو انه اذا جاءه يوم ملبّد بالغيوم فهو يجعل اليوم قصيراً، بأن يستمتع بشابة غضة في بيت واسع معمد فإن أوقات المتعة تكون قصيرة دائماً وبذلك تمر أيامه بسرور.
الطخاء، والطَّخْوةُ: السَّحابةُ الرّقيقة.
وليلة طَخْواءُ: مُظلِمة.
والطَّخْيَةُ والطُّخْيةُ؛ عن كراعٍ: الظُّلْمَة.
وليلةٌ طَخْياءُ: شديدةُ الظُّلْمَة قد وارَى السَّحابُ قَمَرَها.
وليالٍ طاخياتٌ على الفعل أَو على النسب إِذ فاعلاتٌ لا يكونُ جَمْعَ فَعْلاءَ.
وظلامٌ طاخٍ.
والطِّخْياءُ: ظُلمةُ الليلِ، ممدودٌ، وفي الصحاح: الليلة المُظلِمةُ؛ وأَنشد ابن بري: في لَيْلةٍ صَرَّةٍ طَخْياءَ داجِيَةٍ ***ما تُبْصِرُ العينُ فيها كَفَّ مُلْتَمِسِ
قال: وطَخا ليلُنا طَخْوًّا وطُخُوًّا أَظلم.
ومرت المفردة قبل قليل في معلقة طرفة بن العبد.
الطَّهاءُ والطَّخافُ، بالمد: السَّحابُ الرقيقُ المرتفعُ؛
وأرى أن الطخاء والطهاء والطخاء في الجذور إنما هو الغشاء الرقيق فاستعير للغيوم. والعرب تقول: كلُّ شيئٍ أُلْبِسَ شيئاً فهو طَخاء.
وعلى قلبه طَخاءٌ وطَخاءةٌ أَي غَشْيَةٌ وكَرْبٌ، ويقال: وجَدتُ على قلبي طَخاءً من ذلك. وفي الحديث الشريف(ولا أراه شريفا، فهو موضوع): (إذا وجَدَ أَحَدُكم على قلبه طَخاءً فليأْكل السَّفَرْجَلَ)؛ الطَّخاءُ: ثقلٌ وغِشاءٌ وغَشْيٌ، وأَصل الطَّخاء والطَّخْية الظُّلْمة والغَيم. كذا قال اللسان، وقلنا آنفا لربما عنوْا به رقة الغشاء.
وفي الحديث: إنَّ للقلبِ طَخاءً كطَخاء القمر أَي شيئاً يَغْشاه كما يُغْشَى القمرُ.
والطَّخْيَةُ: السَّحابةُ الرقيقة. اللحياني: ما في السماء طُخْيةٌ، بالضم، أَي شيءٌ من سَحابٍ، قال: وهو مثل الطُّخْرُورِ. التهذيب: الطَّخاءَةُ والطَّهاءةُ من الغَيْمِ كلُّ قطعةٍ مستدِيرةٍ تَسُدُّ ضَوْءَ القَمر وتُغَطِّي نُورَهُ، ويقال لها الطَّخْيةُ، وهو ما رقَّ وانفرد، ويُجْمَع على الطِّخاء والطِّهاءِ. قال ابن فارس في المقاييس:
الطاء والهاء والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على أمرين إمّا على معالجة شيء، وإما على رِقّة. فالأول: علاج اللحم في الطَّبْخ، والأصل الآخر الطَّهَاء، وهو غيم رقيق.
والطَّاهي سُمِّي بذلك لمعالجته مواد الطبخ لإنضاجها، قلت: ولعلَّ في الإنضاج شيء من الترقيق والإضعاف لروابط المطبوخات!!!
السحابة: والجمع سُحُب، من الجذر الثلاثي(س ح ب)، وأصله الجذوري السَّحْبُ: جَرُّكَ الشيءَ على وجه الأَرض، كالثوب وغيره. سَحَبَه يَسْحَبُه سَحْباً، فانْسَحَبَ: جَرَّه فانْجَرَّ. والمرأَةُ تَسْحَبُ ذَيْلَها.
والريحُ تَسْحَبُ التُّراب.
والسَّحابةُ الغَيْمُ. قال تعالى: ((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ)) سورة النور/ 43 .
والسحابةُ التي يكون عنها المطر، سُمِّيَتْ بذلك لانْسِحابِها في الهواءِ، والجمع سَحائبُ وسَحابٌ وسُحُبٌ؛ وخَلِـيقٌ أَن يكونَ سُحُبٌ جمعَ سَحابٍ الذي هو جمعُ سَحابةٍ، فيكونَ جمعَ جمعٍ.
وفي الحديث: كانَ اسمُ عِمامَتِه السَّحابَ، سُمِّيَتْ به تشبيهاً بسَحابِ المطر، لانْسِحابِه في الهواءِ.
وما زِلْتُ أَفْعَلُ ذلك سَحابةَ يَومِـي أَي طُولَه؛ قال:
عَشِـيَّةَ سَالَ الـمِرْبَدانِ كِلاهُما، *** سَحابةَ يَومٍ، بالسُّيوفِ الصَّوارِمِ
ونكمل الأسبوع القادم ان شاء الله في الحلقة المقبلة.