أي حد داخل على زواج لازم يحط نقطة "عمل الزوجة" دي تحت المجهر؛ لأنها من أهم أسباب فشل الزواج، وليس المقصود بالفشل أن ينتهي بالطلاق، فهناك فشل أكبر من الطلاق، وهو أن يستمر الزوجان في العلاقة وهما كارهين لها، وكل منهما يعتبرها عبئاً نفسياً وجسدياً عليه.
مشكلة عمل الزوجة ليست في مبدأ العمل نفسه.. ولكن في ثلاثة أشياء:
1 - عدد ساعات العمل.
2 - بيئة العمل.
3 - كثرة التعرض للشارع بما فيه من أذى.
لدينا ثلاث حالات منتشرة في موضوع عمل الزوجة.
الحالة الأولى: الزوجة لا تعمل
هذه أمرها شبه منتهٍ.. غير أنه تجب مراعاة أمرين هنا:
الأول: يجب أن تبحث الزوجة، خاصة في أول الزواج قبل وجود أطفال عن أمور تهتم بها وتشغلها، قد تهتم في البداية بزيادة مهاراتها في إدارة المنزل من كل النواحي، لكن هذا قد لا يستغرق وقتاً طويلاً، ففي حالة تأخر الإنجاب يجب أن يكون لديها مشروع - خيري - دعوي أو حتى تُجاري - يمكن أن تديره من المنزل ليُشغل أوقات فراغها فيما ينفعها في الدنيا والآخرة؛ لأنها لو لم تفعل فإما أنها ستُضيع أوقاتها التي ستحاسب عليها أمام تلفزيون غالباً تأثيره سلبي، ويملأ رأسها بأفكار فارغة أو فاسدة، أو أنها لن يكون لديها شغل شاغل سوى زوجها في كل دقيقة بشكل لا يحبه معظم الرجال وبيعتبروه "خنقة".
الأمر الثاني: حتى مع كون المرأة لا تعمل هذا لا يعني الضغط عليها بكل أمور المنزل، وليكن الرسول قدوة للرجال هنا.. هناك أمور يمكنك أن تقوم بها بنفسك كزوج، بعض الرجال إذا أحس بالعطش لا يقوم بنفسه ليشرب بل يطلب من زوجته أن تقوم لتحضر له كوب الماء حتى وهي مشغولة في أمر آخر، بينما هو لا يفعل شيئاً مهماً! لا أظن أن هذا من المروءة والرجولة!
الحالة الثانية: الزوجة تعمل وتشارك في مصاريف المنزل
هنا لا يكون عمل الزوجة اختياراً، بسبب حاجة المنزل للدخل الذي تحصل عليه من عملها، وفي هذه الحالة يجب على الزوج أن يكون عنده دم!! لا ينتظر من زوجته أن تعمل وتشارك في المصاريف ثم تقوم بكامل واجبات المنزل وحدها كأي زوجة لا تعمل! إن كان من السّنة أن تعين زوجتك حتى وهي لا تعمل فما بالك وهي تحمل عنك بعض المصاريف! يجب على الزوج تحمل جزء مماثل من أعمال المنزل ولا يُثقل على زوجته بالطلبات، وليجتهد قدر المستطاع حتى يغني زوجته عن العمل في يوم من الأيام.
في هذه الحالة إن لم يراعِ الزوج زوجتَه فإنها إما ستذبُل أو ستنفجر!
الحالة الثالثة: الزوجة تعمل ولا يطلب منها زوجها المشاركة في المصاريف
وهذه الحالة الأكثر تعقيداً..
- إن كان الزوج ليس لديه مشكلة في عمل زوجته من حيث عدد ساعات العمل و"بيئة العمل" ونزول زوجته للشارع وحدها يومياً، فهذا شأنه وشأنها!
- بعض المهن التي تمتهنها المرأة ضرورة للمجتمع، كالطبيبة مثلاً، وفي هذه الحالة يجب أن يعلم الزوج قبل أن يتزوج أنه سيضحي ببعض من حقه على زوجته للمجتمع، غير أنه حتى في هذه الحالة يجب الاتفاق على حدود معينة لا يتخطاها عمل الزوجة.
- أما إن كان الزوج يفضل لو أن زوجته لا تعمل لكن الزوجة تصر على العمل فهنا المشكلة، وكم من حالات كهذه كانت سبباً في تعاسة بيوت وشقائها.
زوجة تترك طفلها الرضيع وهو في الشهور الأولى من عمره تحت رعاية غيرها؛ لأنها لا تُفضل ترك العمل، بينما تكلفة رياض الأطفال تساوي معظم دخلها تقريباً، لكنها تُفضل أن تقضي وقتها مع زملائها في العمل على أن تُربي طفلها في أهم أوقات حاجته لها، وتفعل ذلك تحت دعوى أنها لا تستطيع ترك العمل لفترة طويلة، تذكر أننا هنا نتحدث عن حالة لا يحتاج فيها البيت لدخل الزوجة أساساً!
- زوجة تُصِر على العمل تحت دعوى أن "العمل حماية للمرأة".. خوفاً من أن يتركها زوجها مستقبلاً فلا تجد من يعولها، وهذه إنسانة بائسة، تعيش مع رجل وهي لا تأمنه أساساً!! فلمَ تزوجتيه إن كنت لا تأمنين له؟.. هذا أهم شرط يجب أن يتوفر في الزوج!
- زوجة تُصِر على العمل؛ لأنها تريد "أن تحقق ذاتها".. بغض النظر عن أن معظم هؤلاء لا يعرف هدفه في الحياة أصلاً.. لكن بافتراض وجود هدف حقيقي فعلاً، فعلى الزوجة هنا أن توضح هذا بشفافية تامة قبل الزواج وعلى الرجل أن يقبل أو يرفض.. وكما أوضحت سابقاً لا يجب على الرجل أن يقبل ادعاء أنها ستستطيع التوفيق بين عملها وبيتها؛ لأن هذا في الغالب وَهْم!
وكثير من هذا الصنف الأخير يشتكي أصلاً من العمل فهي لا تحب عملها لذاته بل تحبه لمكاسب أخرى تحصل عليها، مثل الدخل الإضافي والخروج اليومي من المنزل و"حياة العمل" وما فيها!
لذلك نصيحة لكل شاب وفتاة: حدّدا موقفكما من عمل الزوجة قبل الزواج بوضوح إن كان نجاح زواجكما أولوية أولى لديكما قبل أي شيء آخر.